البنوك السعودية تحقق أقوى أرباح فصلية خلال عقدين

واصلت البنوك السعودية تحقيق أداء فصلي قياسي، مفتتحة عام 2025 بأعلى أرباح فصلية تُسجل منذ أكثر من عقدين، في مؤشر على الزخم الذي يشهده القطاع المصرفي تزامناً مع التحولات الاقتصادية الكبرى في المملكة، رغم الاضطرابات العالمية.
بلغت الأرباح المجمعة للقطاع خلال الربع الأول من العام الجاري 22.3 مليار ريال بنمو 20% عن الفترة نفسها من العام الماضي، وبزيادة عن أرباح الربع السابق والتي بلغت 20.9 مليار ريال.
في صدارة هذا النمو، جاء مصرف الراجحي الذي شكّل المحرك الأكبر للأرباح، بعد أن ساهم بمفرده بنحو 41.5% من إجمالي النمو في أرباح البنوك. وارتفعت مساهمة المصرف في صافي أرباح القطاع إلى 26.5%، مقابل 23.6% في الربع الأول من 2024، مواصلاً تعزيز موقعه كلاعب رئيسي في القطاع.
كما تصدّر “الراجحي” البنوك السعودية من حيث نسبة نمو الأرباح، والتي بلغت 34% على أساس سنوي، في وقت شهدت فيه بنوك أخرى كبرى مثل البنك السعودي الأول، والعربي الوطني، والسعودي الفرنسي، والبلاد، والاستثمار، ومصرف الإنماء تراجعاً في مساهمتها ضمن الأرباح المجمعة، رغم نمو أرباحها.
البنك الأهلي السعودي لا يزال يحتفظ بصدارة القطاع من حيث حجم الأرباح، إلا أن الفارق بينه وبين “الراجحي” تقلّص إلى 116 مليون ريال فقط، مقارنة بفارق كان يتجاوز 600 مليون ريال في الربع الأول من العام الماضي، وهو ما يعكس اشتداد المنافسة بين أكبر مصرفين في السوق السعودية.
توقعات إيجابية للقطاع المصرفي السعودي
تنسجم تقديرات بيوت الخبرة المالية، محلياً ودولياً، حول مستقبل البنوك السعودية، مع إجماع واسع بأن القطاع سيواصل أداءه القوي مدفوعاً بمحركات هيكلية طويلة الأجل. بما يعزز الثقة في استقرار النظام المصرفي، ويؤكد جاهزيته لتمويل التحولات الاقتصادية والتنموية الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن إطار رؤية 2030.
“الراجحي المالية” توقعت استمرار زخم النمو، مدفوعاً بارتفاع وتيرة تمويل الشركات، وزيادة النشاط المرتبط بمشاريع رؤية المملكة 2030، خصوصاً في القطاعات غير النفطية. كما تعول على تطور التمويل العقاري والمنشآت الصغيرة والمتوسطة كمصادر نمو مستدام.
تأتي الطفرة الربحية الحالية في وقت تعتمد فيه البنوك السعودية بشكل متزايد على التمويل الخارجي، بعد أن أظهرت البيانات فجوة بين القروض الجديدة والودائع المحلية، ففي عام 2024، منحت البنوك قروضاً بقيمة 371.8 مليار ريال، مقابل زيادة في الودائع بنحو 218.9 مليار ريال فقط، ما استدعى اللجوء إلى أسواق الدين الدولية لتغطية فجوة تمويلية تقارب 152.9 مليار ريال.
البنوك ستكون في طليعة القطاعات القائدة لنمو الأرباح في السوق السعودية خلال عام 2025، إلى جانب قطاعات الاتصالات والتقنية والرعاية الصحية، مدعومة بعمليات إدراج جديدة ومبادرات لزيادة الكفاءة، وفقاً لشركة الرياض المالية.
ستتمكن البنوك السعودية من الاستمرار في دعم النمو الاقتصادي دون تعريض مراكزها المالية لمخاطر كبيرة، حتى مع زيادة الاعتماد على التمويل الخارجي، بحسب وكالة “إس آند بي” للخدمات المالية مرجحة أن تبقى مستويات الدين الخارجي عند نسب قابلة للإدارة بنحو 4.1% من إجمالي الإقراض بحلول نهاية عام 2028.
ورغم هذا الاتجاه، لا تزال مساهمة التمويل الخارجي ضمن هيكل التمويل الإجمالي محدودة، حيث بلغ صافي الدين الخارجي للقطاع بنهاية عام 2024 نحو 34 مليار ريال فقط. ويتوقع أن تتضاعف المطلوبات الأجنبية خلال السنوات الثلاث المقبلة، لكنها ستبقى عند مستوى قابل للإدارة، لا يتجاوز 4.1% من إجمالي الإقراض بحلول 2028، وفق تقرير صادر عن “إس آند بي”.
التمويل العقاري.. رافعة ربحية
يُعد التمويل العقاري أحد الركائز الأساسية في محافظ البنوك السعودية، حيث تمثل الرهون العقارية 23% من إجمالي القروض بنهاية 2024، بما يعادل نحو 180 مليار دولار. وتوفّر هذه القروض هامش ربح جيد بفضل تركيبتها الثابتة ومخاطرها المنخفضة، نظراً لاعتمادها على موظفي الخدمة المدنية أو موظفي الشركات السعودية الكبرى.
ورغم ظهور توجه نحو بيع هذه الأصول إلى الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري أو التفكير في توريقها، إلا أن البنوك تتريث، إما بسبب قوة العائدات الحالية أو لأن السوق الثانوية لأوراق التمويل العقاري لا تزال في طور التكوين. وتوقعت “إس آند بي” أن يبدأ سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري في التشكل ببطء خلال السنوات المقبلة، مع تحسن شهية المستثمرين وثبات الأطر التنظيمية.
اقتصاد الشرق
نقلا عن البورصة