القوة الناعمة على حافة العبث من يعيد ضبط بوصلة الفن المصري؟

القوة الناعمة على حافة العبث من يعيد ضبط بوصلة الفن المصري؟

يُحكى أن مهنة عظيمة يسمونها “الفن”، يطلبها الباحثون عن الصدق والإبداع، ممن تسوقهم مشاعرهم، ومواهبهم في طريق محفوف بالعرق والتدريب والانضباط، يسيرون فيه نحو نهضة حقيقية ترتقي بالنفس البشرية وتذيقها حلاوة الجمال، وإذ فجأة، في لحظة أشبه ببوادر آخر الزمان، عرج الطريق نحو منحدر أعوج برز في نهايته “سوق” مفتوح يدخله مَن يشاء، دون بوابات تعرّف على الهوية، تذاكر دخوله مجانية دون شروط أو موهبة أو مسؤولية، يكفي فقط أن يلتقط أحدهم فيديو مثيرًا للجدل، حتى لو كان محتواه “ريّان يا فجل”، يهتفون له: “الله يا فنان”.. وبعد أن كانت “بوصلة الفن” لا تتحرك إبرتها إلا نحو المواهب الحقيقية، أصبحت الآن مجرد “قطعة معدن” ضائعة حائرة وسط “مغناطيسات السوشيال ميديا”، يتلاعب بها التريند في كل اتجاه، ليضيع الذهب وسط ضجيج النحاس، في سوق مزدحم بـ”بشر تختبئ ملامحهم خلف أستار الفلاتر”!

المشهد الأول/ داخلي:

فلاش باك، قبل أن تتلون الوجوه، تظهر مجموعة لقطات متوازية، أبيض وأسود، تبدو كمشهد واحد من فرط تناغمها، هنا عبد الحليم حافظ واقف على مسرح، قلبه يعتصر مع كل آهة غناء، ولقطة أخرى لأم كلثوم تذيب روحها على ضفاف حنجرتها، والجمهور يرتدي أفخم الثياب، جالس ينصت بكل احترام.

في الخلفية ينساب صوت “الراوي”: “في الزمن الجميل كان النجم بعيدًا، يحلق في سموات الإبداع، في عرض مبهر يستحق التصفيق، لا مقطع رديء يستحق الحذف!!”.

المشهد الثاني/ خارجي:

فلاش باك، أيضًا، وادي الملوك بالأقصر، من كواليس فيلم “صراع في الوادي”، يقف النجمان فاتن حمامة وعمر الشريف، وسط الكومبارس، في صمت مهيب، وانتباه لتعليمات المخرج يوسف شاهين، وهو يصر على إعادة المشهد للمرة العاشرة، يأتي صوت الراوي: “حين كان الفن مبنيًا على احترام الوقت وعقلية الجمهور، قبل استحداث عدد المتابعين”.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *