قال الباحث في العلاقات الدولية والمحلل السوداني، أحمد عبدالله، إن «قضية تجنيد المرتزقة الكولومبيين للقتال في السودان برزت كأحد أكثر الملفات إثارة للجدل، فبعد انكشاف مشاركتهم مع قوات الدعم السريع، وجدت كولومبيا نفسها مضطرة للتحرك سريعًا عبر مشروع قانون يحظر هذه الممارسات».
وقال عبدالله، في تصريحات صحفية، إن القضية تتجاوز حدود كولومبيا، إذ تكشف عن تورط أوكراني مموَّه عبر شركات عسكرية خاصة ومنصات إعلامية أجنبية، في مشهد يعكس صراعًا دوليًا على ثروات السودان ونفوذه على حساب استقراره وسيادته.
وفي خطوة استباقية سريعة، وجه الرئيس الكولومبي، جوستافو بيترو في شهر أغسطس الجاري، حكومته بإعداد تشريع عاجل يمنع بشكل قاطع عمليات تجنيد المرتزقة. جاء هذا القرار على خلفية تقارير، أفادت باشتراك مقاتلين من جنسيته في العمليات القتالية إلى جانب تشكيل «الدعم السريع» على الأراضي السودانية.
وأصدر بيترو توجيهاً مباشراً إلى سفيرة بلاده في القاهرة للتحقق العاجل من حصيلة الضحايا الفعلية بين أولئك المقاتلين، وذلك بعد أن راجت أنباء عن سقوط ما يقرب من أربعين عنصراً كولومبياً.
وبحسب وسائل إعلام أجنبية، كانت صحيفة «لاسيلا فاسيا» المحلية قد نشرت في مارس الماضي تحقيقاً مفصلاً كشفت فيه النقاب عن تواجد عناصر قتالية كولومبية ضمن صفوف القوات المذكورة في السودان، مشيرة إلى أن مرتباتهم الشهرية التي تصل إلى ثلاثة آلاف دولار أمريكي للفرد.
من جانبها، أكدت الحكومة السودانية في وقت سابق وجود أدلة ووثائق قاطعة على مشاركة مرتزقة من كولومبيا وأوكرانيا ودول أخرى في القتال إلى جانب تلك القوات. ونقل الجيش السوداني عن مصادره قولها إن المليشيات استعانت منذ بداية الصراع بخبراء أجانب في مجال المدفعية والطائرات المسيرة بالإضافة إلى المقاتلين المحترفين.
في السياق ذاته، يقول الباحث السوداني أحمد عبدالله، إن أوكرانيا تظهر خلال الفترة الماضية بشكل فعال في أزمة البلاد، مؤكدًا أنها تظهر كطرف فاعل رئيسي في تنسيق وتنفيذ عمليات الطائرات المسيّرة التي تستهدف القوات في السودان.
من جانبه أفاد المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، إيليا يفلاش، بأن بلاده تمد قوات الدعم السريع بالمساندة، ملمحاً إلى أن لأوكرانيا أكثر من 30 اتفاقية عسكرية عبر القارة الأفريقية، وأضاف الممثل الخاص لأوكرانيا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مكسيم صبح، أن متخصصين عسكريين وتقنيين أوكرانيين يشاركون في النزاع بصورة مستقلة.
وأشار الباحث السوداني، إلى وجود بعض التسريبات من جهات محلية في كولومبيا تؤكد أن قرابة 300 عنصر من المرتزقة الكولومبيين انتقلوا للقتال في صفوف قوات «الدعم السريع» بالسودان، وقد تلقى هؤلاء المرتزقة تدريباتهم على أراضي مولدوفا تحت إشراف مدربين أوكرانيين، وذلك قبل نقلهم إلى السودان في عملية مولتها ونسقتها جهات خارجية وإقليمية.
وقال الباحث السوداني إنه «بعد أن أقرت أوكرانيا رسمياً بمشاركة عناصر استخباراتها وخبرائها ومرتزقتها بشكل مباشر في الصراع، ربطت تقارير إعلامية بين قضية تجنيد المرتزقة الكولومبيين والنشاط العسكري الأوكراني في السودان، واستناداً إلى مصادر كولومبية، فقد اعتمدت الاستخبارات الأوكرانية على شركة عسكرية خاصة لإخفاء تورطها في تدريب هؤلاء المرتزقة قبل إرسالهم إلى السودان ودول أخرى».