بعد رسوم «ترامب» الجمركية.. مصر تعيد حساباتها في اتفاقية الكويز
الحكومة تولي اهتماماً كبيراً لمعالجة تداعيات آثار الرسوم الجمركية الأمريكية ووضع خطط لدعم الصناعة المحلية
نادية هنري عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب سابقا: الاتفاقية فرصة ذهبية في ظل فرض الرسوم الجمركية الجديدة ويجب استغلالها على الوجه الأمثل
د. حسن الصاوى: الاقتصاد المصري قادر على امتصاص الصدمات ولدينا قطاعات قادرة المنافسة العالمية
هاني سلام رئيس المجلس التصديري للغزل والمنسوجات: الرسوم الأمريكية تمثل مزيجًا من الفرص والتحديات أمام القطاع
م. حسن الخطيب وزير الاستثمار: مصر لديها فرصة لمضاعفة صادرات الملابس الجاهزة عبر اتفاقية الكويز ٤ مرات
في الوقت الذي تسعى مصر فيه لزيادة حجم صادراتها وتعزيز مكانتها في الأسواق العالمية، تعود اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة «كويز» إلى دائرة الضوء كأحد المحاور المهمة في دفع عجلة الصادرات، خاصة إلى الولايات المتحدة وخاصة عقب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهنا تبرز التساؤلات عن مدى قدرة هذه الاتفاقية على مواكبة طموحات التنمية الصناعية المصرية، حيث تعتبر الحكومة الاتفاقية أداة مهمة لفتح الأسواق الخارجية أمام المنتجات الوطنية خاصة السوق الأمريكية وفي هذا الإطار بدأت الحكومة اتصالات مع الادارة الامريكية لالغاء الرسوم الجمركية ومنها صادرات الكويز وفق ما قاله رئيس التمثيل التجاري يحيي الواثق بالله بل والعمل على مراجعة الاتفاقية بما يدعم الصادرات المصرية للنفاذ للاسواق الامريكية
وتمثل اتفاقية الكويز فرصة لدى مصر لفتح الباب أمام الصادارات والدخول إلى الأسواق العالمية، وتسمح الاتفاقية للمنتجات المصرية بالدخول إلى الأسواق الأمريكية دون جمارك أو حصص محددة شريطة ألا يتجاوز المكون المحلي في هذه المنتجات ١٠.٥٪، ولكن الهدف من هذا البروتوكول هو فتح الباب أمام الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكية.
ويُعد بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة خطوة على الطريق الصحيح للتوصل إلى اتفاق نهائي للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ويتزامن ذلك مع ما أكده خبراء أن فرض أمريكا لرسوم جمركية يخالف اتفاقية الكويز وهو ما يستوجب تعديلها لتتوافق مع المعطيات الجديدة.
الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، استعرض في وقت سابق مع أعضاء اللجنة الاستشارية للاقتصاد الكلي عددا من المقترحات والرؤى المتعلقة بالتعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة، وفي مقدمتها آثار الإجراءات الأمريكية الأخيرة الخاصة بفرض رسوم جمركية، وسبل تعزيز الصناعة المحلية لمواجهة تداعياتها، وتطرق خلال مناقشته إلى أهمية اتفاقية الكويز في الوقت الحالي.
مدبولي أكد أن الحكومة تتابع عن كثب التطورات العالمية والإقليمية التي تلقي بظلالها على الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى حرص الدولة على وضع سيناريوهات واقعية للتعامل مع تلك التحديات، بهدف الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ومكتسبات الإصلاح، وتضمن الاجتماع تحليلًا مفصلًا لجذور القرار الأمريكي بفرض رسوم جمركية إضافية، وتقييم الآثار المترتبة عليه، خاصة على الميزان التجاري والصناعة الوطنية، مع طرح حزمة من الحلول المقترحة للتعامل مع هذه التحديات.
وشدد المشاركون في الاجتماع على أهمية استغلال هذه الأزمة كفرصة لتعزيز القدرات الإنتاجية، وزيادة الاعتماد على المنتج المحلي، مع العمل على إعادة هيكلة سلاسل التوريد وتأمين الاحتياجات الأساسية، لا سيما في مجالات الغذاء والدواء والمعدات الحيوية، وانتهوا إلى التوصية بضرورة الإسراع في الإعلان عن خطة عاجلة لدعم الصادرات، خاصة في القطاعات ذات الميزة التنافسية مثل الملابس الجاهزة والصناعات الهندسية، بجانب الاستعانة ببيوت الخبرة العالمية في تطوير التصميمات والتسويق للأسواق المستهدفة.
وقد تؤثر الإجراءات الأمريكية على الأسواق الناشئة، ومنها السوق المصري، ولكنها تفتح في الوقت ذاته مجالات جديدة للاستفادة من الحروب التجارية القائمة، عبر استهداف قطاعات واعدة مثل الزراعة والصناعات الغذائية والأدوية والمعدات الدقيقة، واستغلال الاتفاقيات التجارية الإقليمية لدخول أسواق جديدة.
المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، كشف أنه جرى التعامل لفترة طويلة لأكثر من 15 عاماً مع ملف التجارة بأن هناك مشكلة تخص الاستيراد، وتم بالتعامل مع ذلك عبر تقليل فاتورة الاستيراد، لافتاً إلى أنه جرى خلال تلك الفترة عبر وضع الكثير من العوائق لتقليل الاستيراد وكثير منها يتعارض مع اتفاقياتنا الدولية، مضيفا: «بتحليل الوضع وجدنا أن مصر ليس لديها مشكلة فى فاتورة الاستيراد لأنه بتحليل الرقم وجدنا أن 83 % من فاتورة الاستيراد عبارة عن مكونات إنتاج و10 % سلع أساسية، وكلما زادت الأعباء على مكونات الإنتاج زادت التكلفة محليا وخارجيا مما يؤدى لارتفاع التضخم الذى نحاربه، إضافة لتقليل تنافسية المنتج من جهة أخرى، مشيرا إلى أن إجمالي ما يتم استيراده في مصر يمثل 20% من الناتج القومي ولذلك تحرص الدولة على إزالة العوائق التجارية لتحسين تنافسية الصادرات المصرية.
وقال الخطيب إن مصر لديها فرصة لمضاعفة صادرات الملابس الجاهزة 4 مرات وأن الحكومة تلقت طلبات من مستثمرين أجانب لإقامة مصانع ملابس جاهزة بصعيد مصر»، مشدداً على أن مصر لديها فرصة مواتيه لإجراء عمليات الإصلاح الهيكلي والتشريعي في ظل المتغيرات الدولية، مؤكدا أن الهدف هو الاستعداد لتصبح مصر المكان الأكثر جاذبية للاستثمار وأن تصبح مركزًا للصناعة والتصدير في 3 قارات.
في المقابل، طالب مجدى طلبه عضو المجلس التصديري للملابس الجاهزة بضرورة تعديل اتفاقية الكويز مع الولايات المتحدة، وذلك بعد إعلان ترمب فرض رسوم جمركية على صادرات القاهرة ضمن 185 دولة أخرى، وأضاف طلبة أنه يجب مراجعة وتغيير كافة اتفاقيات التجارة الحرة بين مصر ودول العالم، ومنها الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والشراكة مع تركيا وأميركا الجنوبية، مشيراً إلى أن القاهرة تمثل الجانب الأقل استفادة في كل تلك الاتفاقيات.
واعتبر عضو المجلس التصديري للملابس الجاهزة، أن النسبة العادلة لمساهمة المنتج في دولة معينه في اتفاقية الكويز المفترض أن تكون 5 % فقط، وليس 10.5 % كما هي الآن، كاشفاً أن صادرات البلاد ضمن الاتفاقية ارتفعت من 500 مليون دولار في بدايتها إلى نحو 1.2 مليار دولار حالياً، 90 % منها لقطاع الملابس، رغم أن الكويز تشمل كافة السلع.
وقال طلبة إن صادرات مصر زادت في السابق خلال جائحة كورونا بعد غلق المصانع في الصين وعدد من الدول، حيث تضاعفت الصادرات مؤخراً 3 مرات، موضحاً أن 70 % من صادراتنا للملابس تذهب إلى أميركا، وصعدت قيمة صادرات مصر من الملابس الجاهزة خلال العام الماضي 2024 بنسبة 17.7 %، لتصل إلى 2.85 مليار دولار، مقابل 2.42 مليار دولار عام 2023، وفقاً للنشرة الشهرية للتجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
وشدّد طلبة على أن صادرات مصر يجب ألا تقل عن 200 مليار دولار وليس 40 مليار دولار فقط، والتي تشكّل بحسب وصفه «صادرات منتج واحد بإحدى دول العالم».
من جانيه أكد هاني سلام، رئيس المجلس التصديري للغزل والمنسوجات، أن السوق الأمريكية بوجه عام تعتبر أحد الأسواق الأهم للصادرات، خاصة في قطاع الصناعات النسيجية، والذي يشهد طلبًا سنويًا تتجاوز وارداته حاجز الـ 100 مليار دولار.
وأوضح سلام أنه على الرغم من محدودية صادرات الغزل والمنسوجات المباشرة الى أمريكا والتي بلغت نحو 20 مليون دولار عام 2024 بمعدل نمو 38 %، إلا أن تلك التعريفات ستعيد رسم سلاسل الإمداد العالمية مما قد يؤثر في الأسواق التصديرية للقطاع الذى يلعب دورًا محوريًا في تغذية الصناعات النهائية بمختلف أسواق العالم.
وأشار إلى أن القرارات الجمركية الجديدة التي أقرتها الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب تمثل مزيجًا من الفرص والتحديات أمام قطاعات كثيرة وعلى رأسها قطاع الغزل والمنسوجات في مصر، مشيرا إلى أن التعريفات الجديدة تفرض واقعًا عالميًا متغيرًا يتطلب إعادة هيكلة سلاسل الإمداد، ويفتح في الوقت ذاته المجال أمام مصر لتعزيز مكانتها كشريك تجاري بديل في ظل سعي الشركات العالمية لإعادة توزيع مصادر التوريد.
وأضاف سلام أن المرحلة الحالية تستدعي خلق روابط وشراكات تجارية جديدة، واستغلال التحولات الجيوسياسية لبناء موقع تنافسي أقوى للصناعة المصرية في الأسواق الخارجية، وفي مقدمتها السوق الأمريكي.
وأكد سلام أن مصر تتمتع بميزة جمركية واضحة مقارنة بالدول المنافسة، حيث لا تتجاوز التعريفة الجمركية المفروضة على الصادرات المصرية نسبة 10 %، في حين تواجه الصين التي تستحوذ على 20 % من إجمالي واردات أمريكا النسيجية تعريفة قدرها 125 %، كما تفرض على الهند تعريفة 26 % رغم استحواذها على 10 % من السوق، وعلى باكستان 29 % مع حصة تبلغ 5 % إلا أن تلك الميزة قد تؤتي ثمارها في نطاق الصناعات النهائية من الملابس الجاهزة أو المفروشات المنزلية.
وأكد سلام أن هذه الفروقات تمنح المنتجات النهائية فرصة حقيقية لتعزيز حضورها في السوق الأمريكية، خاصة في ظل تطبيق بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز)، الذي يوفر حماية جمركية مميزة للمنتجات المصرية، بشرط الالتزام بالمعايير المطلوبة.”
وشدد على أهمية اتخاذ المزيد من الإجراءات بجانب تلك المزايا خاصة في ضوء المتغيرات العالمية الراهنة، والتي قد تؤدي إلى انخفاض معدلات الطلب والقوى الشرائية في السوق الأمريكي، وقد يهدد بحدوث موجات تضخم عالمية قد تُحدّ من مكاسبنا.
وأشار سلام إلى أن الميزة التنافسية الحالية يجب أن تكون حافزًا لزيادة الطاقات الإنتاجية، وتطوير سلاسل التوريد، لضمان القدرة على تلبية احتياجات الأسواق الخارجية بكفاءة ومرونة، والحفاظ على استدامة النمو في قطاع التصدير.”
و لفت سلام إلى أن التعريفات المنخفضة نسبيًا على مصر مقارنة بدول أخرى سوف تسهم في تحقيق مساعي الدولة لجعل مصر وجهة مفضلة للاستثمارات الأجنبية في قطاع المنسوجات، وهي فرصة لاستقطاب شركات عالمية تبحث عن مواقع إنتاج بديلة، سواء بإنشاء المصانع أو باستخدام خطوط الإنتاج الحالية، لكن هذا يتطلب جهودًا مكثفة لتيسير الإجراءات وتحسين بيئة الأعمال بما يشجع المزيد من الاستثمار الصناعي الأجنبي إذا نجحنا في تهيئة بيئة استثمارية جاذبة، يمكننا تحويل هذا التحدي إلى رافعة للنمو الاقتصادي، مع تعزيز القدرات الإنتاجية وخلق فرص عمل مستدامة”.
وأكد أن “السوق الأوروبية شريك استراتيجي لنا، وأي زيادة في المنافسة تتطلب منا إعادة تقييم استراتيجياتنا، ويجب أن نستثمر في الابتكار والاستدامة، وأن نعمل على خفض التكاليف دون المساس بالجودة لنظل قادرين على المنافسة في بيئة متغيرة.”
وأشار سلام الى أن التعريفات الجمركية المفاجئة التي أقرتها الإدارة الأمريكية تمثل تحولًا جوهريًا ينال من استقرار قواعد التجارة العالمية المعترف بها عالميًا على مدى عقود، واستندت إلى مفاهيم الانفتاح، العدالة وتكافؤ الفرص. وأضاف أن هذه القرارات تعكس توجهًا متزايدًا نحو السياسات الحمائية، مما يؤدي إلى زعزعة استقرار منظومة سلاسل التوريد القائمة ويولد حالة من عدم اليقين لدى المستثمرين والمصنّعين على حد سواء.
ولفت أن هذا التغير المفاجئ في بيئة التجارة الدولية لا يقتصر أثره على الدول المستهدفة مباشرة بالتعريفات، بل يمتد ليطال الاقتصاد العالمي بأسره، مما يستدعي من الدول النامية ومنها مصر التحرك بسرعة لاقتناص الفرص الناتجة عن إعادة تشكيل خريطة التجارة، والعمل على تعزيز قدراتها التنافسية والتفاوضية لضمان حضور فاعل ومستدام في الأسواق العالمية.
وأشار إلى أن التوترات التجارية قد تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي ينعكس سلبًا على سوق المنسوجات، لكنه أضاف أن ارتفاع تكلفة المنتجات المنافسة في السوق الأمريكي قد يحول جزءًا من الطلب نحو المنتجات المصرية، مشددا على أن هذه الميزة قد تكون مؤقتة إذا اتخذت دول أخرى إجراءات مضادة، داعيًا إلى تطوير استراتيجيات تسويق مرنة تتكيف مع التقلبات وتستهدف تعزيز الثقة في العلامة التجارية المصرية.
ودعا سلام بضرورة التحرك السريع قائلًا: “نقف اليوم أمام مفترق طرق. يمكننا أن نحول هذه التعريفات إلى فرصة لإعادة تشكيل مكانة مصر في الصناعات النسيجية عالميًا، لكن ذلك يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة، نحن بحاجة إلى تعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير الصناعة، ودعم البحث والابتكار، وتوسيع شبكة الشراكات التجارية، الهدف ليس فقط مواجهة التحديات الحالية، بل بناء قطاع قوي قادر على قيادة النمو الاقتصادي في المستقبل.”
رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية مباحثات جارية بين الحكومة المصرية والأمريكية حول الرسوم الجمركية
أكد متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية بنسبة 10 % على الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة سيكون له تأثير محدود على مصر، حيث تمثل الصادرات المصرية إلى أمريكا نحو 5 % من إجمالي الصادرات المصرية.
وأوضح بشاي أن التبادل التجاري بين مصر وأمريكا بلغ 9.7 مليار دولار بنهاية 2024، لكن الصادرات المصرية لا تتجاوز 2.2 مليار دولار، أي حوالي 5% فقط من إجمالي صادرات مصر العالمية التي تصل إلى 44.8 مليار دولار، مما يجعل تأثير الرسوم الجديدة بنسبة 10 % ضئيلًا.
وأكد أن هناك مباحثات جارية بين الحكومة المصرية والأمريكية للاتفاق على آليات تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على الصادرات المصرية للسوق الأمريكي، وما إذا كان سيتم تطبيقها على صادرات المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز).
وأضاف أن الملابس الجاهزة تشكل 54 % من الصادرات المصرية إلى أمريكا بقيمة 1.2 مليار دولار، مستفيدة من اتفاقية الكويز الموقعة عام 2004 التي تتيح تصديرها دون جمارك بشرط وجود مكون إسرائيلي، مما يمنحها ميزة تنافسية رغم المنافسة القوية من دول مثل بنجلاديش وماليزيا.
وأكد بشاي، وفقًا لبيانات “UN Comtrade” التابعة للأمم المتحدة، تصدُّر صادرات مصر من الملابس الجاهزة والإكسسوارات التابعة لها لأمريكا بإجمالي يتجاوز 1.2 مليار دولار، مما يجعل هذا القطاع من أكثر القطاعات تأثرًا بالرسوم الجديدة.
وتابع: جاءت باقي الصادرات المصرية للسوق الأمريكية على النحو التالي: الأسمدة بقيمة 175.6 مليون دولار، والحديد بنحو 169.8 مليون دولار، ثم الخضروات والفواكه المعلبة بقيمة 139.9 مليون دولار، والسجاد بنحو 138.9 مليون دولار، والفواكه والمكسرات بقيمة 114.5 مليون دولار، ثم المواد المحجرية (كبريت، أسمنت، مواد جبسية) بقيمة بلغت 103.4 مليون دولار، والبلاستيك بنحو 75.5 مليون دولار، إضافة إلى الزجاج ومصنوعاته بقيمة 67.3 مليون دولار، والخضروات الطازجة بنحو 59.7 مليون دولار.
وصف الدكتور حسن الصاوي، أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة، السياسات الاقتصادية التي يتبناها ترامب بأنها «عبث وخرف اقتصادي»، مؤكدًا أن نتائجها ظهرت سريعًا، حيث تكبدت سوق الأسهم الأمريكية خسائر ضخمة تُقدّر بستة تريليونات دولار خلال يومين فقط من تنفيذ هذه القرارات، ما يعكس هشاشة الثقة في السياسات الاقتصادية القائمة على القرارات الفردية بدلاً من التنسيق المؤسسي.
وأضاف الصاوي أن هذه الإجراءات تسببت في ارتباك داخلي، وقد تؤدي إلى إضرابات اقتصادية تؤثر على معدلات التوظيف والنمو. وعلى المدى الاستراتيجي، حذر من أن هذه السياسات قد تدفع العديد من الدول إلى إعادة النظر في اعتمادها المفرط على الاقتصاد الأمريكي، مما قد يفتح المجال أمام ظهور تكتلات اقتصادية جديدة ببدائل قوية تقلص النفوذ الأمريكي تدريجيًا.
وعن تأثيرها على الاقتصاد المصري قال الصاوي، أن لا يوجد لها أدنى تأثير حيث إن حجم التجارة بين مصر وأمريكا تحديداً في الصادرات يبلغ 2ملياردولار، مؤكداً أن الاقتصاد المصري قادر على امتصاص الصدمات، ويعد ثالث أعلى معدل نمو اقتصادي على مستوى العالم، بعد الهند والصين، وذلك وفقاً لتقرير البنك الدولي.
وأضاف «الصاوي»، أن التوقعات الخاصة بالمؤسسات الدولية وعلى رأسها البنك الدولي أكدت أن مصر تعمل معدل نمو بنسبة 2 %، مما يعني أن هناك آليات بالاقتصاد وقطاعات قادرة على التغلب على أي معوقات، موضحًا أنه بعد جائحة كورونا، جميع اقتصاديات العالم تعاني، بما فيها اقتصاديات الدول الكبرى.
وأشار إلى أن معدلات النمو المرتفعة في مصر موجودة في قطاعات معينة، والتي يطلق عليها القطاعات كثيفة رأس المال، مثل الصناعات الاستخراجية ومنها البترول والغاز، حيث إنها كثيفة رأس المال، ولكن حجم العمالة بها محدود جدا.
ومن جانبها اعتبرت نادية هنرى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب سابقا، أن اتفاقية الكويز فرصة مصر الذهبية في ظل فرض الرسوم الجمركية الجديدة ، فإن تلك التحديات سوف تتحول إلى استثمارات في ظل ما تشهد الساحة الاقتصادية العالمية من تحولات دراماتيكية نتيجة تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وفرض جمارك مرتفعة على العديد من المنتجات الصينية، مما دفع كثيرًا من الشركات إلى البحث عن بدائل للتصنيع خارج الصين، وفي خضم هذه التحديات، تبرز مصر كواحدة من أهم الدول التي يمكنها الاستفادة من هذا التحول وتحويله إلى فرصة استراتيجية للنمو الصناعي والاستثماري، موضحة أن مصر بوابة الأسواق العالمية وذلك لامتلاكها عددًا من الاتفاقيات التجارية التي تمنحها قدرة تصديرية تنافسية، منها في القلب اتفاقية الكويز.
وأضافت أن مصر قاعدة تصنيعية مثالية للمستثمرين الراغبين في التصدير دون عوائق جمركية، ومن بين العوامل المهمة التي تفيد مصر من فرض تلك الرسوم تأتي في استقطاب المستثمرين الصينيين وهي فرصة يجب عدم تفويتها فالصين، المتضررة الأكبر من الجمارك الأمريكية، تسعى الآن إلى تنويع قواعدها التصنيعية في دول منخفضة الجمارك والتكاليفـ وهنا تأتي الفرصة.
وطالبت بضرورة ترويج مصر لنفسها لدى المستثمرين الصينيين كشريك صناعي استراتيجي، مع توفير حوافز خاصة للاستثمار في المناطق الاقتصادية مثل العين السخنة، محور قناة السويس، والعاشر من رمضان، و تقديم ضمانات قانونية وضريبية تعزز من ثقة المستثمر وتقلل من المخاطر، مع توسيع مناطق الكويز وتعدد القطاعات.
وقال: في الوقت الحالي تتركز الكويز في قطاع المنسوجات، لكن هناك فرصة لتوسيعها إلى قطاعات أخرى مثل الصناعات الإلكترونية والتجميع، والبلاستيك والكيماويات، والأغذية المصنعة والمعدات الطبية، كما يجب التفكير جديًا في توسيع الرقعة الجغرافية لمناطق الكويز لتشمل محافظات جديدة، بما يحقق تنمية متوازنة ويوفر فرص عمل.
وأضافت أنه من ثم تأتي البنية التحتية التي تعتتبر جاهزة للانطلاق وهي من أبرز ما يميز مصر اليوم من موانئ بحرية متطورة على البحرين الأحمر والمتوسط، شبكة طرق حديثة ومناطق لوجستية، ومناطق صناعية قريبة من الموانئ.
وأشارت إلي الإصلاح الإداري والتشريعي كعامل حاسم لجذب تلك الإستثمارات، حيث لا تكفي الحوافز وحدها لجذب الاستثمارات، بل يجب تسهيل إجراءات التراخيص وتأسيس الشركات، و إزالة البيروقراطية مع دعم المستثمر في حل النزاعات وحماية استثماراته ، و تمكين الشراكات بين المستثمرين الأجانب والمحليين.
ومن بين تلك المميزات تعتبر مصر شريك رئيسي في مبادرة «الحزام والطريق»، ويجب استغلال هذا التعاون في جذب استثمارات صينية موجهة للسوق الأمريكي وتطوير مناطق صناعية ذكية بشراكة صينية وتعزيز الربط اللوجستي مع أفريقيا لتكون مصر مركز تصدير إقليمي.
وأوضحت أن ما يواجهه العالم من نزاعات تجارية ليس فقط تحديًا، بل فرصة تاريخية لمصر، فالفرصة موجودة، والأدوات متوفرة، وتبقى الإرادة السياسية والتخطيط الذكي هما مفتاح تحويل هذه اللحظة إلى نقطة انطلاق نحو نهضة صناعية جديدة.
وأوضحت الدكتورة نادية حلمى، الخبيرة في الشئون السياسية الصينية والآسيوية، أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف أن الصين حذرت من أن رسوم ترامب الجمركية قد تؤدى إلى حرب تجارية عالمية، وأن التكاليف المتزايدة ستنعكس على المستهلكين الأمريكيين، ما سيرفع الأسعار ويهدد بحدوث ركود اقتصادي عالمي كبير.
وأكدت أن الصين حذرت أيضا من أن هذه الحرب التجارية لا تلحق ضررًا بالصين فحسب، بل بالنظام التجاري العالمي كذلك، وكانت الصين قد أعلنت في اجتماعات الدورتين (المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني) في مارس 2025، أن هدفها الرسمي للنمو سيكون حوالي 5 % هذا العام في 2025، لكنها أكدت أنه لن يكون من السهل تحقيق هذا الهدف في ظل الحرب التجارية الأمريكية عليها فى الوقت الحالي.
وتابعت أن الصادرات الصينية تواجه ضغوطًا غير مسبوقة، إذ أصبحت المنتجات الصينية المُصدّرة إلى الولايات المتحدة تصطدم بحواجز جمركية هي الأعلى في التاريخ، تتجاوز نسبة 100 %، مما ينعكس سلبًا على القدرة التنافسية للمنتجات الصينية، خاصة تلك الكثيفة العمالة، مثل: المنسوجات والأثاث وبعض المنتجات الإلكترونية.
وأضافت: يتوقع أن تتأثر عددًا من القطاعات الصينية التي تعتمد بشكل كبير على التصدير، كالإلكترونيات الاستهلاكية والمنسوجات، ستتأثر بشكل كبير نتيجة هذه السياسات. وهذه التطورات في مجملها قد تؤثر على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني. لذا نجد بأن تحقيق أهداف النمو الاقتصادي للصين بنسبة 5 % للعام 2025، سيتطلب مزيدًا من الدعم الصيني للسياسات الاقتصادية المحلية، خاصةً فى ظل التراجع الملحوظ في الطلب العالمي.
كما تعتبر أن فرض الولايات المتحدة لرسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية سيكون له تأثيرات متعددة على الاقتصاد الصيني، تشمل: (صدمات قصيرة الأجل وتعديلات هيكلية طويلة الأمد في عدد من الصناعات الصينية).
نقلا عن الجريدة العقارية