تكدس عصير البرتقال في الأسواق الأوروبية بعد انهيار الطلب وتراجع الأسعار

تكدس عصير البرتقال في الأسواق الأوروبية بعد انهيار الطلب وتراجع الأسعار

شهدت العقود الآجلة لمركزات عصير البرتقال تراجعات حادة في أسواق السلع العالمية، نتيجة انخفاض الطلب على هذا المشروب الذي لطالما كان عنصرًا أساسيًا على مائدة الإفطار الغربية.

يعود هذا التراجع إلى ارتفاع أسعاره مؤخرًا وتدني جودته بشكل ملحوظ، ما دفع المستهلكين إلى العزوف عنه.

وفقًا لصحيفة “فاينانشيال تايمز”, انخفضت أسعار العقود الآجلة لمركزات عصير البرتقال في “بورصة إنتركونتينتال” في نيويورك إلى النصف منذ بداية 2024، إذ تراجعت من 5.26 دولار للرطل (453 جرامًا) في يناير إلى 2.5 دولار خلال الأسابيع الأخيرة.

يعد هذا الانخفاض تحولًا جذريًا مقارنة بالعام الماضي، عندما ارتفعت الأسعار لمستويات قياسية بسبب موجة الجفاف والأمراض التي ضربت محاصيل البرتقال في البرازيل — أكبر مصدر له عالميًا.

تراجع الطلب وتكدس العصير على الأرفف

صرّح هاري كامبل، محلل أسواق السلع في شركة “إكسبانا”, بأن “الطلب انهار بشكل حاد” مع انتقال الأسعار المرتفعة إلى المستهلكين.

وأضاف أن عبوات عصير البرتقال باتت تتكدس على أرفف المتاجر الأوروبية، مشيرًا إلى أن أحد المنتجين الأوروبيين قال له ساخرًا: “نرسل الشحنات إلى الأسواق ومعها منفضة غبار، لأنها تبقى على الأرفف لفترة طويلة جدًا… وهذا يعكس خطورة الموقف.”

انخفاض الجودة يعمّق الأزمة

لم يكن ارتفاع الأسعار السبب الوحيد لعزوف المستهلكين، إذ أشار المحللون إلى أن تدهور جودة العصير ساهم أيضًا في تراجع الطلب. فالبرتقال الذي أصيب بأمراض وآفات أصبح مذاقه أكثر مرارة، ومع نقص المحصول اضطر المنتجون إلى التخفيف من معايير الفرز والانتقاء، ما أثر على جودة المنتج النهائي.

أوضح أندريه باديلا، المحلل في “روبو بنك”, أن “المذاق المر يجعل المشكلة أكثر تعقيدًا. ومع قلة المعروض، يضطر المنتجون إلى استخدام أي برتقالة متاحة، ما يخفض الجودة”.

وأضاف أن نقص المخزون حال دون خلط العصير منخفض الجودة مع مخزونات أفضل من المواسم السابقة، وهي الطريقة التي تعتمد عليها المصانع عادةً للحفاظ على استقرار المذاق.

المخزون ينفد والطلب يستمر في الانخفاض

عادةً ما يُعتمد على مخزونات عصير البرتقال المجمد — التي تبقى صالحة لمدة تصل إلى عامين — لموازنة جودة العصير بين المواسم. لكن استمرار ضعف الطلب على مدار 3 أعوام متتالية أدى إلى استنزاف هذه المخزونات.

أفادت وكالة “نيلسين” أن طلب متاجر التجزئة الأمريكية على عصير البرتقال المعاد خلطه باستخدام المركزات المجمدة، انخفض بأكثر من 16% خلال الموسم الحالي.

من جهة أخرى، كشف تقرير لمركز “سيبيا” البرازيلي أن معدل السكر إلى الحموضة في البرتقال هبط إلى أقل من المستوى المثالي للعصر، ما أدى إلى تراجع جودة العصير، كما أن زيادة مادة “الليمونين” — التي تُستخدم لتعويض نقص المحصول — ساهمت في إضفاء مذاق أكثر مرارة على العصير، ما قلل من جاذبيته، خصوصًا في الأسواق الرئيسية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

توقعات بزيادة الإنتاج وانخفاض الأسعار أكثر

على الرغم من انخفاض الأسعار الحالي، فإن توقعات بوفرة كبيرة في محصول البرتقال البرازيلي في الموسم المقبل، بدءًا من يوليو، ضغطت على الأسعار بشكل أكبر.

توقّع “رابو بنك” أن يرتفع إنتاج البرتقال في البرازيل بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، مستندًا إلى تحسن هطول الأمطار هذا العام.

وأشار باديلا إلى أن المضاربين الذين راهنوا على استمرار ارتفاع الأسعار، بدأوا في التخلي عن مراكزهم الاستثمارية مع تبدل أوضاع السوق، ما تسبب في موجة بيع واسعة هذا العام.

وأضاف: “المستثمرون الذين خزنوا العصير على أمل تحقيق أرباح من نقص المعروض، بدؤوا في الهروب من السوق مع تغير التوقعات.”

ورغم انخفاض الأسعار، يتوقع المحللون أن الطلب لن يتعافى بسرعة، خاصة مع استمرار تراجع جودة العصير وتغير أذواق المستهلكين.

نقلا عن البورصة

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *