محمود محيي الدين: آلية الكربون الأوروبية تهدد الصادرات المصرية برسوم 10%

محمود محيي الدين: آلية الكربون الأوروبية تهدد الصادرات المصرية برسوم 10%

حذّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، الدكتور محمود محيي الدين، من التداعيات السلبية لآلية الاتحاد الأوروبي لتعديل حدود الكربون على الصادرات المصرية، مؤكدًا أن طريقة تطبيقها تفتقر إلى الشرعية الدولية وتحمّل الدول النامية أعباء إضافية لا تتوافق مع مبادئ العدالة المناخية.

وقال محيي الدين في مقابلة مع «العربية Business»، إن صندوق النقد الدولي قدّر في دراسة مستقلة أن الأثر الكلي على الاقتصاد المصري قد يصل إلى نحو 317 مليون دولار سنويًا. ورغم أن الرقم ليس كبيرًا مقارنةً بحجم الاقتصاد ككل، إلا أنه يعادل فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على صادرات هذه القطاعات.

أوضح أن الدراسات التي أجريناها مع زميلتين من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ــ الدكتورة ياسمين كمال والدكتورة مريم رمزي ــ أوضحت أن القطاعات الأكثر تأثرًا هي الحديد والأسمدة والألومنيوم بدرجة أكبر، بينما الأسمنت أقل تأثرًا، مع العلم أن مصر لا تصدّر كميات تُذكر من الأسمنت إلى أوروبا.

قال محيي الدين: «الاتحاد الأوروبي أعلن عن تطبيق هذه الآلية ابتداءً من يناير 2026، وتشمل صادرات من قطاعات محددة مثل الحديد والصلب والألومنيوم والأسمدة والإسمنت، بينما أضافت المملكة المتحدة مؤخرًا قطاع السيراميك إلى القائمة اعتبارًا من عام 2027. وبموجب هذه الآلية، إذا تجاوزت الانبعاثات الكربونية في طن من الصادرات الحد المسموح به أوروبيًا، فإنها تخضع لضريبة الكربون المعروفة باسم CBAM».

وأضاف: «المشكلة أن هذا الإجراء، رغم أنه يبدو حسن النية من حيث حماية البيئة وتحقيق العدالة بين المنتج المحلي الأوروبي والمصدّرين من الخارج، إلا أنه لم يستند إلى أي منظومة دولية متعددة الأطراف، ولم يُعرض على منظمة التجارة العالمية. كل ما صدر هو تصريحات من الاتحاد الأوروبي بأنه يعتقد أن إجراءاته متوافقة مع قواعد التجارة الدولية، لكن لم يصدر رأي ملزم حتى الآن».

وأشار محيي الدين إلى أن هذه السياسة واجهت حتى من داخل أوروبا نفسها ضغوطًا كبيرة: «قبل أن يأتي الضغط الأميركي، كان هناك ضغط من المستوردين الأوروبيين الذين رأوا أن هذه الإجراءات تضعهم في وضع غير تنافسي، وهو ما يؤدي إلى ما يُعرف بتحويل التجارة أو Trade Diversion. بالفعل، قام الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي بإعفاء صغار المستوردين، الذين يمثلون 99% من إجمالي المستوردين، لكن المشكلة أن الجزء الأكبر من الواردات يتم عبر كبار المستوردين، وبالتالي بقيت الأزمة قائمة».

وحول إمكانية تراجع الاتحاد الأوروبي، أوضح محيي الدين: «قد تحدث بعض المراجعات أو الاستثناءات تحت ضغط داخلي أو خارجي، لكن لا يمكن الرهان على تغيير شامل. التطبيق في الاتحاد الأوروبي مقرر في يناير 2026، وفي المملكة المتحدة اعتبارًا من يناير 2027، وربما يتم تعديل بعض التفاصيل، لكن المنهجية الأساسية لن تتغير بسهولة».

وأكد أن هناك حلولًا متاحة يجب التحرك نحوها بسرعة: «أولًا، يمكن التفاوض على استخدام شهادات الكربون، أو فرض ضرائب محلية معادلة ثم ردّها للمصدّرين المصريين، كما تفعل الهند، بحيث تستفيد الشركات محليًا بدلًا من أن تذهب العوائد إلى الاتحاد الأوروبي. ثانيًا، يمكن للقطاعات المصدّرة البحث تدريجيًا عن أسواق بديلة خارج الاتحاد الأوروبي. وثالثًا، يجب أن يكون هناك تحرك عربي وأفريقي جماعي لتوحيد الموقف التفاوضي مع أوروبا».

قال محيي الدين: «المطلوب أن تتفق المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية والأطر الخاصة بالمناخ، على آليات مشتركة، حتى لا تُكافح الدول النامية من أجل التحول للطاقة النظيفة وتخفيض الانبعاثات من جهة، ثم تواجه من الجهة الأخرى قيودًا جديدة تعرقل صادراتها تحت مسميات مختلفة. هذه الإجراءات الأحادية لا بد أن تُراجع وأن توضع ضمن إطار دولي متعدد الأطراف يضمن العدالة للجميع».






تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *