
قال الدكتور على فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، حين دخلوا مصر في عهد الفتح الإسلامي، وجدوا المعابد المصرية القديمة والتماثيل قائمة، ومع ذلك لم تمتد أيديهم بالهدم أو التخريب، بل تعاملوا معها بمنتهى الفهم والوعي الحضاري.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامي مهند السادات، ببرنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن الصحابة، رغم قرب عهدهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهمهم الكامل لخطر عبادة الأوثان، فإنهم أدركوا أن تلك التماثيل لم تكن تُعبد، ولم تكن تضاهي خلق الله عز وجل، ولذلك لم ينظروا إليها كأصنام يجب تحطيمها، بل كرموز لحضارة عريقة لها قيمة تاريخية وثقافية.
وأضاف، أن هذا التصرف من الصحابة يدل على أنهم لم يكونوا أسرى لجهالة أو تطرف، بل كانوا على دراية بأهمية حفظ التراث الإنساني، واحترام حضارات الأمم السابقة، خاصة إذا كانت لا تتعارض مع التوحيد ولا تُعبدمن دون الله.
وأشار إلى، أن تلك المعابد والتماثيل لا تزال باقية إلى يومنا هذا، ولم تُمس بسوء على يد الفاتحين المسلمين، وهو ما يرد على من يدّعون أن الإسلام جاء لهدم حضارات الآخرين.
وتابع، أن ما حدث لاحقًا مع الحملة الفرنسية على مصر، حين تم فك رموز حجر رشيد، كشف عن مدى عمق الحضارة المصرية القديمة، من خلال ما احتوته المعابد من نقوش وتماثيل وجُدُر تُصور الحياة الاجتماعية، والأنشطة الزراعية، والصناعات اليدوية، ومراسم الحكم، وحتى مشاهد الحروب، مما أدهش العالم وأثبت أن هذه الرموز تمثل مادة تاريخية وثقافية مهمة للبشرية.
وأكد أن هذه الشواهد الأثرية ليست موضعًا للشبهة أو الحرمة، طالما أنها لا تُعبد، بل على العكس، فإنها مصدر لفهم تطور الإنسانية، وتعزيز الانتماء للتاريخ والحضارة.
وشدد على أن الإسلام لا يعادي الفن أو التراث أو الحضارات، بل يحث على التعلم من تجارب الأمم السابقة، والاستفادة من منجزاتها، طالما أن ذلك لا يتعارض مع العقيدة وأصول الدين.