الأسواق الأمريكية تشهد خامس أسرع تصحيح في تاريخها وسط مخاوف من التشديد النقدي
الجمعة 21 مارس 2025 | 12:57 مساءً

الأسواق الأمريكية تشهد خامس أسرع تصحيح في تاريخها وسط مخاوف من التشديد النقدي
مع تصاعد التوترات التجارية وإعلان الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية جديدة، شهدت الأسواق الأمريكية خامس أسرع تصحيح في تاريخها، وسط مخاوف متزايدة من تشديد نقدي قد يعيق النمو الاقتصادي. إلا أن الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي أظهر موقفًا أكثر جرأة في التعامل مع هذه التحديات، حيث أبدى البنك المركزي مرونة في تقييم تأثير التعريفات الجمركية على التضخم قبل اتخاذ أي قرارات حاسمة بشأن أسعار الفائدة.
نهج جديد في التعامل مع الرسوم الجمركية
خلافًا لسياسات الحذر السابقة، بدأ الاحتياطي الفيدرالي في تقدير التأثير المحتمل للرسوم الجمركية على التضخم وتحديد استراتيجيته بناءً على ذلك. وعلى عكس التوقعات برفع فوري لأسعار الفائدة لمواجهة التضخم الناتج عن التعريفات، اختار البنك نهج الانتظار ومراقبة التطورات الاقتصادية قبل إجراء أي تعديلات على السياسة النقدية، مشيرًا إلى أن أثر هذه الرسوم قد يكون محدودًا زمنيًا.
هذا الموقف الحذر منح المستثمرين دفعة من الثقة، إذ اعتبروا أن استمرار السياسات الداعمة للنمو سيظل قائماً على المدى القريب، ما أدى إلى تسجيل الأسهم الأمريكية أفضل أداء لها بعد اجتماع الفيدرالي منذ منتصف عام 2022، على الرغم من أن البنك لم يجرِ أي تغييرات جوهرية على سياسته النقدية أو خططه لخفض الفائدة خلال العام.
الرهان على التأثير المؤقت للتعريفات الجمركية
في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع الفيدرالي، أكد جيروم باول، رئيس البنك المركزي الأمريكي، أن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم قد يكون قصير الأمد، مشيرًا إلى أنه قد يتلاشى خلال عام من تطبيق الرسوم، مما يبرر تبني استراتيجية الانتظار بدلاً من الاستجابة السريعة.
وأوضح باول أن بعض ارتفاع الأسعار قد يكون ناتجًا عن اندفاع المستهلكين للشراء قبل دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، وهو ما لا يعكس بالضرورة تأثيرًا دائمًا على التضخم. ومع ذلك، لم يستبعد إمكانية تدخل الفيدرالي إذا تحول التضخم الناجم عن التعريفات إلى عامل مستدام يعوق تحقيق هدف التضخم المستقر عند 2%.
التوازن بين النمو الاقتصادي والتضخم
على الرغم من التوقعات بارتفاع معدل التضخم إلى 2.7% في عام 2025، لا يزال الاحتياطي الفيدرالي ملتزمًا بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال العام، مع توقعات بأن يصل سعر الفائدة إلى 3.9% بنهاية 2025.
ويعكس هذا النهج رؤية البنك المركزي التي تعتمد على أن النمو الاقتصادي البطيء يمكن أن يحد من التأثير التضخمي المؤقت. كما أكد باول أن قرار خفض الفائدة يستند إلى مزيج من ضعف النمو وارتفاع التضخم المؤقت، وهو ما يجعل الفيدرالي أكثر مرونة في تعديل مساره وفقًا للتطورات الاقتصادية.
المراقبة الدقيقة قبل اتخاذ أي قرارات
تتمثل استراتيجية الفيدرالي الحالية في مراقبة البيانات الاقتصادية بدقة قبل اتخاذ أي قرارات جذرية. وأوضح باول أن البنك لن يتعجل في التدخل، بل سيتابع المؤشرات الاقتصادية عن كثب لتقييم التأثير الحقيقي للرسوم الجمركية.
تعتمد هذه الاستراتيجية على التمييز بين الإشارات الحقيقية والضوضاء الاقتصادية، وهو ما يساعد الفيدرالي على تجنب ردود الفعل المفرطة وضمان استقرار الأسواق المالية. ومع استمرار حالة عدم اليقين، يبقى الفيدرالي في وضع يسمح له بالانتظار حتى تتضح الصورة الاقتصادية بالكامل قبل اتخاذ أي تحركات جديدة.
نقلا عن الجريدة العقارية