
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، إن إسرائيل شرعت فعليًا في تنفيذ خطتها غير المشروعة لتدمير مدينة غزة وفرض هيمنتها العسكرية غير القانونية عليها، إذ يشن جيشها عمليات نسف وتدمير واسعة للمربعات السكنية جنوبي المدينة وشرقها وشمالها، في هجوم متزامن يزحف بالتدمير الشامل والمحو المنهجي نحو قلبها من 3 محاور، في تصعيد يشكل مرحلة جديدة ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 23 شهرًا.
وأكد «الأورومتوسطي» في بيان، اليوم، أن هذا الهجوم العسكري يجري تنفيذه على الأرض بعد أن أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي رسميا عن بدء عملية «عربات جدعون 2» في 20 أغسطس الجاري وتنفيذ «العمليات التمهيدية والمراحل الأولية» منها، مشيرا إلى أن أكثر من مليون إنسان يعيشون اليوم محاصرين في أقل من 30% من مساحة المدينة، ومهددين جميعا بالتهجير القسري نحو الجنوب ضمن هذه الخطة الرامية إلى محو غزة وإخضاعها للتدمير المنهجي والسيطرة العسكرية الكاملة.
وذكر الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثق فجر اليوم الأحد 24 أغسطس 2025، تفجير جيش الاحتلال الإسرائيلي روبوت مفخخ في حي «الصفطاوي» شمال مدينة غزة، وذلك بعد توغل قوة عسكرية تضم عدة آليات وجرافة نحو منطقة أبوشرخ شمال الحي، حيث وضعت الروبوت وفجرته عن بعد، ما أسفر عن دمار واسع في المكان.
وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية فجرت أيضا روبوتات في منطقة الوحيدي بجباليا البلد، وكذلك في منطقة الزرقاء جنوب جباليا البلد لتدمير المزيد من المنازل والمربعات السكنية.
وأشار إلى أن القوات الإسرائيلية، إلى جانب استخدامها الروبوتات المفخخة بأطنان من المتفجرات، كثفت من إطلاق أسراب من طائرات «كواد كابتر» المحملة بصناديق من المتفجرات شديدة الانفجار، حيث تسقط هذه الطائرات حمولتها داخل المباني أو فوق الأسطح قبل أن تفجرها، مسببة دمارا واسعا لا يقل عن ذلك الناجم عن تفجير الروبوتات أو غارات الطيران الحربي الإسرائيلي.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثق تدمير العديد من المباني العالية والمربعات السكنية في حي الصفطاوي، وكذلك في جباليا النزلة، خلال الأيام الماضية، رغم أن هذه المناطق وأطرافها ما تزال تضم أعدادا كبيرة من السكان والنازحين من شمال غزة، الذين اضطروا للفرار مجددا تحت وطأة القصف والتفجيرات.
وأشار إلى أن عمليات التدمير في حي الصفطاوي شمالا تجري ضمن خطة عسكرية إسرائيلية متكاملة تشمل مختلف أنحاء مدينة غزة، حيث تنفذ عمليات مماثلة شرقي المدينة، خصوصا في حيي التفاح والشجاعية، وكذلك جنوبا في حي الزيتون حيث دمر أكثر من 500 منزل حتى الآن، فضلا عن حي الصبرة الذي شهد تدمير عددا من المربعات السكنية باستخدام الروبوتات المفخخة أو عبر القصف بالصواريخ والقنابل المدمرة، بما في ذلك منازل مأهولة مثل منزل عائلة أبوشريعة الذي استهدف يوم الخميس 21 أغسطس 2025، ما أسفر عن مقتل ثمانية من أفراد العائلة بينهم أربعة أطفال.
وشدد المرصد الأورومتوسطي أن ما يجري من تدمير شامل يصاحبه نمط متكرر من جرائم القتل المتعمد، من خلال استهداف مباشر لكل من يتحرك في هذه المناطق، حتى أولئك الفارون من الموت، كما حصل مع الطفلين الشقيقين عوض ونادين إحسان سعد الله، اللذين قتلا أمس السبت إثر غارة إسرائيلية استهدفت مجموعة من المدنيين قرب مسجد حمزة في منطقة جباليا النزلة.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن الهجمات الإسرائيلية تتواصل دون انقطاع بشدة مفرطة، في ظل ضعف قدرات المستشفيات القليلة العاملة وضعف إمكانية الوصول إليها، إضافة إلى غياب الحد الأدنى من إمكانيات الدفاع المدني والتغطية الميدانية، يجعل من المستحيل توثيق الأعداد بدقة، ويرجح أن تكون حصيلة الضحايا الحقيقية أكبر بكثير مما يعلن أو يوثّق حتى الآن.
وحذر من أن مواصلة الاحتلال عدوانه وتوسيع عملياته لإحكام السيطرة العسكرية الكاملة غير القانونية على محافظة غزة ينذر بارتكاب مذابح جماعية غير مسبوقة بحق المدنيين، ويقضي تمامًا على ما تبقى من جهود الاستجابة الإنسانية التي تعاني أصلا من الانهيار والعجز.
وأكد الأورومتوسطي أن هذا التصعيد، الذي بدأ بالفعل، يمثل فصلا غير مسبوق من الإبادة الجماعية الإسرائيلية، تنفذ على مرأى من المجتمع الدولي، موضحًا أن هذه المجازر لن تكون تطورات ميدانية عابرة أو مفاجئة، بل نتائج محسوبة لسياسة إسرائيلية رسمية وعلنية، يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية السماح بحدوثها وتبعاتها الكاملة بصمته وتخاذله، وبما يصل في كثير من الأحيان إلى حد التواطؤ المباشر.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على العمل فورًا وفقا لالتزاماته القانونية وإنهاء الأسباب الجذرية لمعاناة الشعب الفلسطيني واضطهاده على مدار 77 عامًا، وضمان حق الفلسطينيين في العيش بحرية وكرامة وتقرير المصير وفقًا للقانون الدولي، والانسحاب الكامل للوجود الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 1967، ورفع الحصار غير القانوني عن قطاع غزة، وضمان مساءلة ومحاسبة الجناة الإسرائيليين.