
لمواجهة تعدد شكاوى و استغلال السائحين والقضاء علي الاسعار غير المنضبطة للعلاج في العيادات و المستشفيات الخاصة اتخذت محافظة البحر الأحمر خطوة غير مسبوقة بإقرار قائمة أسعار موحدة لجميع العيادات والمستشفيات الخاصة بالمحافظة، على أن يتم اعتمادها رسميًا من وزير الصحة والسكان، وذلك بعد تصاعد شكاوى السائحين من المغالاة في أسعار الكشف والعلاج والأدوية داخل بعض المنشآت الطبية الخاصة والقرى السياحية حيث تأتي هذه الخطوة في ظل حرص اجهزة الدولة على تعزيز الثقة في المقاصد السياحية وحماية الزائر الأجنبي من أي ممارسات قد تسيء إلى صورة السياحة الوطنية.
وجاء الإعلان عن هذه الخطوة بعد اجتماع موسع عقده كمال سليمان سكرتير عام محافظة البحر الأحمر مع أصحاب وممثلي المنشآت الطبية الخاصة، بحضور الدكتور هشام ذكي رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات العلاجية غير الحكومية والتراخيص بوزارة الصحة، والدكتور إسماعيل العربي مدير مديرية الصحة، والدكتور محمد النجار مدير إدارة العلاج الحر. وناقش الاجتماع آليات ضبط سوق الخدمات الطبية المقدمة للسائحين ووضع ضوابط حاسمة تضمن حصول الزائر على علاج آمن وشفاف دون استغلال فيما تمثل هذه الخطوة مدخلًا مهمًا لجذب استثمارات جديدة في قطاع السياحة العلاجية بالبحر الأحمر، خاصة أن الغردقة ومرسى علم تتمتعان ببنية تحتية طبية وسياحية تؤهلهما لتكونا مركزًا إقليميًا في هذا المجال. فإقرار تسعيرة موحدة وشفافة يخلق بيئة أكثر ثقة للمستثمرين، ويعزز فرص إقامة مستشفيات ومراكز طبية متخصصة تخدم السائحين وتقدم خدمات علاجية متقدمة بجودة عالمية. وتأتي هذه الجهود متسقة مع خطط الدولة لتوسيع قاعدة السياحة العلاجية باعتبارها أحد القطاعات الواعدة القادرة على جذب شرائح جديدة من السائحين وتنويع مصادر الدخل القومي.
وأكد السكرتير العام أن العمل جارٍ حاليًا على الانتهاء من صياغة قائمة الأسعار الموحدة، بحيث تشمل جميع بنود الكشف الطبي والخدمات العلاجية، مع إلزام كافة العيادات والمستشفيات الخاصة بها. وأوضح أن القائمة ستُعلن بشفافية أمام الجمهور والسائحين داخل المنشآت الطبية، وستكون متاحة أيضًا للفنادق والقرى السياحية.
وأوضح اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، أن لجان تفتيش دورية تضم ممثلين عن مديرية الصحة، وهيئة الدواء المصرية، ووزارة السياحة، والجهات الرقابية، وذلك للتأكد من التزام المنشآت الطبية والصيدليات داخل القرى والفنادق السياحية بالأسعار المحددة وجودة الخدمات والتراخيص. وأكد أن الهدف النهائي ليس فقط ضبط الأسعار، وإنما ترسيخ مبدأ أن السائح الذي يزور مصر يحظى بحماية ورعاية كاملة، وأن استغلاله أمر مرفوض تمامًا لن يتم السكوت عنه.
وشدد المحافظ على أن أي تجاوز أو محاولة لاستغلال السائحين لن يُسمح بها تحت أي ظرف، وسيتم التعامل معها بكل حزم عبر الغرامات أو الغلق الإداري الفوري للمنشآت المخالفة، مع رفع تقارير دورية عن نتائج التفتيش لعرضها على الوزارات المعنية. وأوضح أن تشكيل اللجنة جاء بشكل عاجل وبتكليف مباشر عقب رصد شكاوى موثقة من سائحين أجانب، مشددًا على أن المحافظة لن تتهاون في حماية حقوق الزائرين أو السماح بأي إساءة لسمعة المقصد السياحي المصري.
وأشار المحافظ إلى أن الإجراءات تشمل أيضًا خطوات تنظيمية وتوعوية لضمان العدالة والشفافية، منها: تخصيص خط ساخن لتلقي شكاوى السائحين يتم الإعلان عنه داخل الفنادق بعدة لغات عبر لوحات إرشادية واضحة، وإطلاق بوابة إلكترونية متعددة اللغات توضح الإجراءات الرسمية وأسماء المستشفيات الحكومية المعتمدة وأسعار الخدمات، وكذلك توزيع برشورات توجيهية بالمطارات والموانئ السياحية تتضمن “باركود” يربط السائح مباشرة ببرنامج إلكتروني يحتوي على معلومات دقيقة عن المستشفيات والخدمات الطبية وأرقام الطوارئ. كما سيتم إعداد قائمة أسعار موحدة للخدمات الطبية السياحية بالتعاون بين مديرية الصحة ولجنة الصحة السياحية، يتم إلزام جميع العيادات العاملة داخل المنشآت السياحية بها.
وأكد المحافظ أن البحر الأحمر ترحب بجميع زائريها، وأن السائح ضيف كريم على الدولة المصرية ويجب أن يحظى بالرعاية والاحترام الكاملين، مضيفًا: “لن نسمح لأحد أن يستغل السائح أو يعبث بثقة الزائر في خدماتنا، فسمعة السياحة في مصر مسؤولية وطنية لا مجال فيها للتهاون.” وأضاف أن هذه الخطوة تأتي في وقت تشهد فيه الغردقة ومرسى علم وباقي مدن المحافظة تدفقًا كبيرًا من السائحين الأوروبيين، ما يُحتم على الجهات الرقابية تعزيز جهودها لحماية السائحين وضمان التزام المنشآت بالمعايير المهنية والإنسانية ويُذكر أن شكاوى متكررة وردت من بعض السائحين بشأن فرض أسعار باهظة مقابل خدمات طبية بسيطة، وتورط بعض الصيدليات في صرف أدوية دون وصفة طبية، وهي ممارسات تتعارض مع المعايير المهنية والإنسانية المعتمدة.
وأكد عدد من خبراء السياحة أن هذه المبادرة تمثل رسالة طمأنة قوية للأسواق المصدرة للسياحة، خاصة الأوروبية، التي تضع معايير صارمة لسلامة وشفافية الخدمات الصحية المقدمة للسائحين. وقال علي فتحي، خبير السياحة بالغردقة، إن قطاع السياحة الصحية يعد من أبرز معايير تقييم المقاصد العالمية، وإن شكوى السائح من استغلاله في العلاج أو شراء الأدوية قد تؤدي إلى نتائج كارثية على سمعة أي مقصد. وأضاف أن القرار سيعزز ثقة شركات السياحة العالمية في الغردقة والبحر الأحمر، إذ يضمن للسائحين الحصول على خدمات طبية بأسعار معلنة ومراقبة، ما يشجع على تكرار الزيارة ويزيد من التوصية بالمقصد لدى السياح الآخرين.
وأشار عدد من الأطباء إلى أن وجود قائمة موحدة سيحمي الأطباء الملتزمين الذين كانوا يعانون من تشويه صورتهم بسبب ممارسات بعض العيادات غير المنضبطة و أن الصيدليات العاملة داخل القرى والفنادق السياحية ستخضع لرقابة صارمة للتأكد من التزامها بالأسعار الرسمية للأدوية ومنع أي محاولات للتلاعب أو استغلال حاجة السائح، مع الإعلان عن خط ساخن لتلقي شكاوى الزائرين على مدار الساعة والتعامل معها بشكل فوري.