البنوك تبدأ الاستعداد لمرحلة خفض الفائدة

البنوك تبدأ الاستعداد لمرحلة خفض الفائدة

يشهد السوق المصرفي المصري تحولات ملحوظة في سياسات البنوك تجاه أسعار الفائدة على الأوعية الادخارية، في ظل توجهات تستهدف ضبط تكلفة الأموال ومواجهة تذبذب العوائد على أدوات الدين المحلية.

ويأتي ذلك في سياق سعي البنوك لتعزيز قدرتها على تحقيق التوازن بين تكلفة الودائع والعائدات، بالتزامن مع التوقعات بتغيرات أسعار الكوريدور وتأثيرها على استراتيجيات جذب السيولة والحفاظ على تنافسية المنتجات المصرفية.

قال ماجد فهمي رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية الأسبق، إن تخفيض أسعار الكوريدور له اعتبارات عدة مثل مستهدفات خفض معدل التضخم، والحفاظ على جاذبية السوق المصري للأموال الساخنة قد تؤخر اتخاذ قرار البدء فى تنفيذه، ولكن هذا لن يمنع البنوك من مُراجعة أسعار الفوائد على أوعيتها الادخارية لضبط تكلفة الأموال.

وأضاف فهمى أنه فى ظل احتمالية تراجع الإيرادات مع تذبذب عوائد أدوات الدين المحلية، وانخفاضها بحدة فى بعض العطاءات، وكذلك مستوى العائد على السندات أجل 3 سنوات التى تغطى تكلفة الشهادات الثلاثية، أصبح لزامًا على البنوك إعادة النظر فى تكلفة الأموال لديها، خاصة مع النمو الكبير الذى تحقق في محافظ الودائع خلال العام الماضى.

وتشهد أذون وسندات الخزانة تراجعات حادة بعد تخطيها 30% في فبراير وسط تدفقات قوية من الأجانب في سوق الدين المحلي عقب بيانات التضخم الأقل من المتوقع في فبراير الماضي، وإقرار صندوق النقد للشريحة الرابعة من قرض مصر.

وأضاف فهمى أن البنوك تسعى للتحكم فى تكلفة الودائع لديها، عبر تقليص أسعار العوائد على الشهادات المُصدرة حديثًا أو مُراجعة فوائد حسابات التوفير، وعادة تتجه لهذا الإجراء البنوك التى لديها وفرة فى الودائع وتعمل على ضبط التكلفة بما يتناسب مع المتغيرات المتوقعة فى الإيرادات خلال الفترة المقبلة، ولتحقيق التوازن مع تكلفة الودائع التى تم ربطها خلال الأشهر الماضى عند مستويات الفائدة المرتفعة.

اقرأ أيضا: «الأهلي» و«مصر» يخفضان الفائدة على شهادات دولارية بنحو 0.5%

وأوضح أن خفض العوائد على الأوعية الادخارية يُضعف تنافسيتها أمام الشهادات مرتفعة العائد لدى لبنكى الأهلى ومصر ويتسبب فى اتجاه المودعين إليهم، وقد يتباطئ نمو الودائع لدى المُخفضة لعوائد شهاداتها، وهى خطوة مدروسة ومقصودة.

ومع تراجع التضخم إلى 12.5% خلال فبراير الماضى وهو أدنى مستوى له منذ أبريل 2022، أشارت توقعات المحللين الاقتصاديين إلى بدء مرحلة خفض الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية في أبريل المقبل، رغم الضغوط التضخمية المتوقعة مع نية الحكومة رفع الدعم عن أسعار البنزين وإبقاء جزء منه على السولار، إذ أن تأثيره على التضخم لن يكون عنيفًا مثل تأثير تغير قيمة العملة المحلية.

وأبقى البنك المركزى المصرى على أسعار الكوريدور عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض لمدة 12 شهرًا.

عبد العال: البنوك تعزز هوامش الفائدة وتستعد لجذب مزيد من القروض

وقال محمد عبد العال، خبير مصرفي، إن البنوك تعمل خلال الفترة الحالية على زيادة هامش الفائدة عبر بدء خفض الفائدة على أوعيتها الادخارية والاستعداد لجذب مزيد من القروض، خاصة أن إبطاء نمو الودائع وتعزيز نمو القروض سيساهم فى تحسين نسبة توظيف القروض للودائع.

وأضاف عبد العال أن البنوك الكبرى الخاصة تمتلك ودائع ضخمة تسعى لضبط التكلفة عليها، خاصة أن تلك البنوك ستظل تتحمل تكلفة الودائع طويلة الأجل التى تم ربطها فى ذروة ارتفاع أسعار الفائدة حتى انتهاء أجلها المستمر لعامين بالنسبة للشهادات الثلاثية مثلا.

وأوضح أن تلك البنوك قادرة على الاحتفاظ بعملائها حتى مع خفض الفائدة على الأوعية الادخارية، لأن الطلب عليها غير مرن، إذ أنها جاذبة للعملاء الباحثين عن جودة خدماتها أو الاستفادة من مزايا تطبيقاتها الرقمية والحدود المرتفعة تحويلات الأموال من خلالها أو ارتفاع حدود بطاقاتها الائتمانية خاصة عند الاستخدام الدولى، فضلا على وفرة السيولة الأجنبية بما يُمكن الشركات من فتح اعتمادات مستندية بسهولة.

وأشار إلى أن لجان الألكو ومسئولى المخاطر فى البنوك المختلفة يُحددون تسعير المنتجات حسب استراتيجية كل بنك ومستهدفاته المتنوعة، مع مراعاة تنوع أصوله إذ أن بعض البنوك لديها نسبة تفوق 30% من أصولها قصيرة الأجل أو متغيرة العائد غير قادرة على تغطية تكلفة المُدخرات ذات أجل ثلاث سنوات بعائد ثابت.

وقال معتز حامد، خبير مصرفى، إن المنتج المنافس للأوعية الادخارية المصرفية هى أذون الخزانة، ولكن تطبيق رسوم ضريبية عليها يُفقدها جزءا من مزاياها، وتكون فى مستوى متقارب مع أغلب الشهادات البنكية حتى بعد خفض أسعار الفائدة عليها، كما أن شريحة كبيرة من الأفراد ليست على دراية كافية تُمكنها من التعامل المحترف مع الأذون والسندات، لذلك بعض المودعين سيبقون على أموالهم داخل البنوك حتى مع خفض الفائدة عليها.

اقرأ أيضا: «جى بى مورجان» يتوقع خفض الفائدة فى مصر 6% بالاجتماعين المقبلين

وأضاف أنه فى ظل حالة عدم اليقين بشأن مستوى الفائدة المتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة، ستظل أذون الخزانة قصيرة الأجل خيارًا مُفضلًا للبنوك للحفاظ على الإيرادات المرتفعة، ولن تخاطر بتركيز أصولها فى أدوات الدين طويلة الأجل.

وتفاوت استراتيجيات البنوك المصرية في مواجهة ارتفاع تكلفة الودائع خلال العامين الماضيين، وأظهرت القوائم المالية لعدد من البنوك المصرية خلال العام الماضي تباينًا واضحًا في التعامل مع الزيادة الكبيرة في تكلفة الودائع، مقابل نمو عائد القروض والإيرادات.

بحسب القوائم المالية للبنك التجاري الدولي خلال العام الماضي، ارتفعت تكلفة الودائع بنسبة 79.4%، بينما نمت عائدات القروض والإيرادات بوتيرة أقل نسبيًا بلغت 75.6%. ويُعَد هذا النمو أقل من المعدلات التي حققها البنك في عام 2023، حيث ارتفعت تكلفة الودائع حينها بنحو 106.7% بنهاية ديسمبر، مقابل نمو عائد القروض بنسبة 86.6%.

وارتفعت تكلفة الودائع لدى “قطر الوطنى مصر” في ديسمبر الماضى 71.19% على أساس سنوى بينما نما عائد القروض والإيرادات نحو 55.9%.

في حين ارتفعت تكلفة الودائع 92.5% بنهاية ديسمبر 2023 ونما عائد القروض والإيرادات بوتيرة أبطأ عند 75.5%.

وزادت تكلفة الودائع لدى مصرف أبو ظبى الإسلامى مصر 104.4% خلال العام الماضى، بينما ارتفع عائد المرابحات والمشاركات 165.2%، وبذلك فإن معدل نمو الإيرادات جاء أسرع من معدل نمو التكلفة خلال العامين الماضيين مع تحسن الأداء خلال 2024، إذ نما عائد المرابحات والمشاركات 76.9% ونمت تكلفة الودائع 70.7% بنهاية ديسمبر 2023، بحسب القوائم المالية للمصرف.

وفى البنك المصرى الخليجى، نما عائد القروض والإيرادات 89.15% بنهاية ديسمبر الماضى، بينما نمت تكلفة الودائع بوتيرة أسرع عند 98.5%، بحسب القوائم المالية للبنك والتى أظهرت نمو عائد القروض والإيرادات 45.8% بينما نمت تكلفة الودائع 60.8% بنهاية ديسمبر 2023.

وبالنسبة لبنك الإمارات دبى الوطني مصر، ارتفعت تكلفة الودائع 48.5% خلال 2024، بينما نما عائد القروض والإيرادات 50.4%، أما خلال عام 2023، ارتفعت تكلفة الودائع 61.9% في حين نما عائد القروض والإيرادات 65.2%.

نقلا عن البورصة

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *