
أثارت حادثة وفاة 6 أخوات ووالدهم بالترتيب في قرية دلجا التابعة لمحافظة المنيا ذعر العديد من الأهالي من انتشار وباء غامض، حتى تبيّن أن السبب وراء تلك الجريمة غيرة زوجة الأب التي دفعتها إلى وضع السم في الخبز للأبناء ووالدهم، والذي أودى بحياتهم.
فيما دفعت سرقة أمين الذي لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره لبعض أدوات ورشة والده إلى قيام الأب بصعقه بالكهرباء حتى فارق الحياة ثم استخدامه آلة حديدية لتقطيعه أشلاء وحرقه فوق الجبل -بمسقط رأسه سفاجا-، أملًا منه في إخفاء جريمته.
وهذا ما دفع قسم صحافة البيانات بجريدة المصري اليوم إلى تحليل حالات القتل التي يقوم بها أحد أفراد الأسرة خلال النصف الأول من العام الحالي، مستندًا في ذلك إلى أرشيف الأخبار.
رصد المصري اليوم في هذا التقرير 100 بلاغ عن جريمة قتل من أحد أطراف الأسرة، أغلبها مع سبق الإصرار والترصد لأسباب مختلفة بينها المألوف والغريب، تسبب فيها 109 قاتل يتراوح أعمارهم ما بين الـ 35 إلى 36 سنة، بإزهاق روح 120 ضحية؛ نتيجة وجود قتل أكثر من ضحية في الجريمة ذاتها.
استحوذت محافظة الجيزة على نصيب الأسد من ارتكاب جرائم القتل من جانب أحد أطراف الأسرة بنسبة 16%، يليها القاهرة بـ10 جرائم، بزيادة جريمة واحدة عن محافظة الشرقية، مقارنًة بمحافظات الوجه القبلي والحدودية التي تراوحت بين جريمتين إلى 6 كما في محافظة المنيا.
كما شهد الربع الثاني من العام الحالي الأكثر ارتكابًا للجرائم، بـ 71 جريمة، وهو ما يعادل 3 أضعاف الربع الأول من العام، -زيادة 184%- والذي يمكن ربطه بارتفاع درجة الحرارة التي تفقد السيطرة على الانفعالات.
تعددت أسباب الجريمة والنتيجة واحدة، لكن الخلافات الأسرية تصدرت المشهد بنسبة 60%، يليها الميراث بــ 13%، وجاء دافع التأديب والخيانة تاليا، على عكس الاسباب المتعارف عليها والأكثر شيوعًا وهو المرض النفسي أو تعاطي المخدرات أو الأخذ بالثأر، والتي سجلت جريمتين لكل منهم على السواء.
يُذكر أن هناك العديد من الأسباب الغير مألوفة التي دفعت إلى القتل منها: المشادة الكلامية بين الزوجين، رسوب الأبناء في الإمتحانات، طلب الزوجة الطلاق، كثرة حركة الطفل، تناول أحد أبناء العم قطعة بسبوسة دون دفع ثمنها، أو خلاف بين الأب وابنه على باقة الإنترنت.
تصدرت الذكور المشهد بـ83%، كان بطل الجريمة الأكبر هو الزوج مرتكبًا 29 جريمة قتل، ثم الأب بـ16 جريمة، بزيادة 3 جرائم عن التي ارتكبها الأخ، الذي زاد جريمة واحدة عن أبناء العمومة، وبالتالي كانت الضحية الأكبر هي الزوجة والأبناء بـ65 جريمة.
اعتمد القاتل في الـ 100 جريمة التي رصدها القسم في جريمته على أبسط وأكثر الأدوات المتاحة أمامه وهو السلاح الأبيض المتمثل في السكين أو الفأس بـ47 جريمة، ثم الضرب والتعذيب الذي أدى إلى ارتكاب 14 جريمة، ثم الطلق الناري بـ 9 جرائم، بزيادة 2 عن الخنق.
وصرح الدكتور كريم الشاذلي استشاري العلاقات الأسرية لـ «المصري اليوم» أن السبب في ذلك يرجع إلى ضيق الأوضاع المالية وضغوطات الحياة؛ بسبب نظرة المجتمع أو الأسرة أو قانون الأسرة، كذلك الجهل بآليات التعامل مع الضغوطات، وغياب الرقابة التربوية والذاتية المتمثلة في الضمير الذي يقودنا إلى اتزان الأمور، تدفع الشخص إلى الهشاشة، وعدم التحكم في انفعالاته.
وتابع «الشاذلي» أن الطلاق أصبح ليس حلًا؛ لأنه يلجأ لقانون ظالم للطرفين يستند إلى ثغرات من أجل ضغط أحدهم على الآخر للانتقام، حتى إذا كان ذلك على حساب قتل الأبناء، ما يدفع أحد الأطراف إلى التنازل تحت الضغط.