باسم لطفى يكتب: «تطوير الموانئ المصرية»

باسم لطفى يكتب: «تطوير الموانئ المصرية»

فى سياق التحولات الاقتصادية الكبرى التى تواجه الإقليم والعالم، لا يمكن إغفال الدور البارز الذى يلعبه الفريق الحكومى بقيادة الفريق المهندس كامل الوزير وزير النقل والصناعة، الذى بذل جهوداً متميزة فى تنسيق المشاريع وتفعيل الشراكات الاستراتيجية.

فقد عمل الفريق كامل منذ سنوات على تبنى استراتيجيات ناجحة للغاية، ومنذ توليه وزارتى النقل والصناعة، فقد عمل وفريقه على تبنى سياسات إصلاحية تسعى لتخفيف الإجراءات البيروقراطية وتحديث البنية التحتية عبر مشاريع رائدة، وتظهر هذه الجهود فى تحسين بيئة الأعمال وتوفير التسهيلات اللازمة لجذب المستثمرين، ما يجعل هذه الاستراتيجية نقطة تحول مهمة فى مستقبل قطاع الشحن واللوجستيات فى مصر.

تؤكد الأرقام أن هناك استثمارات ضخمة تم ضخها فى تطوير البنية التحتية للموانئ المصرية، لكن لا يزال حجم تداول الحاويات يعانى من ضعف ملحوظ مقارنة بالدول المنافسة فى المنطقة.

فقد أدت الإجراءات الجمركية المعقدة وطول مدة عمليات الكشف والتفتيش على البضائع إلى إبطاء حركة الشحن، مما يجعل الشركات الدولية التى تعتمد على سرعة الإجراءات اللوجستية تتردد فى التعامل مع نظام الترانزيت، خاصة أن بطء الإجراءات والبيروقراطية الجمركية يؤثران سلباً على كفاءة سلاسل الإمداد، مما يؤدى إلى تراجع الثقة فى السوق المحلى كوجهة لوجستية منافسة على المستوى الدولي.

وفيما تسعى مصر جاهدة لتحقيق الريادة فى قطاع الشحن واللوجستيات، مع رغبة واضحة فى أن تصبح مركزاً إقليمياً يشبه نموذج الإمارات العربية المتحدة، فقد تم تنفيذ مشاريع توسعية هائلة لتحديث الموانئ وتوسيع قدراتها الاستيعابية.

كما أبرمت الدولة شراكات استراتيجية مع كبرى شركات الشحن العالمية، مثل مشاركة شركة CMA فى ميناء الإسكندرية وEURO GATE فى ميناء دمياط، ورغم هذه الإنجازات، لا تزال العقبات الإجرائية والبيروقراطية تعرقل الاستفادة القصوى من هذه الاستثمارات، مما يمنع السوق من تحقيق النمو المطلوب فى حجم تداول الحاويات.

لا يقتصر التحدى على القطاع البحرى فحسب، بل يمتد إلى قطاعات النقل الجوى والموانئ الجافة.

ففيما تخصص بعض الدول استثمارات ضخمة لتحديث مطاراتها وتطوير بنية تحتية متطورة للنقل الجوي، يعانى هذا القطاع فى مصر من عدم بلورة واضحة فى التجهيزات والخدمات، مما يؤثر على تنافسية النقل الجوى على المستوى الدولي. أما الموانئ الجافة، فتواجه تحديات مماثلة، إذ تتحول فى بعض الأحيان إلى مخازن غير فعالة بسبب نقص الاستثمارات فى المعدات الحديثة وشبكة الطرق والقطارات المتكاملة.

وهذا الوضع يستدعى ضرورة إعادة النظر فى استراتيجيات تطوير هذه القطاعات لتحقيق تكامل مثالى مع الخدمات البحرية.فى ظل هذه التحديات، برزت الحاجة إلى تبنى حلول اقتصادية عملية تناسب البيئة الاستثمارية فى مصر وتدعم جهود الحكومة فى تحويل القطاع إلى محور رئيسى للنمو الاقتصادي.

ومن أبرز هذه الحلول تبسيط الإجراءات الجمركية والأتمتة، حيث يتعين على الدولة تبنى تقنيات حديثة مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعى لتسريع عمليات الكشف والتفتيش، وإنشاء نظام رقمى موحد يربط الجهات المختصة.

هذه الخطوة ستساهم فى تقليل مدة الإجراءات الجمركية وتحسين بيئة الأعمال للمستثمرين الأجانب، بالإضافة إلى إصلاح نظام الترانزيت.

فمن الضرورى تخفيض نسب الكشف على حاويات الترانزيت واعتماد إجراءات شفافة وسريعة، مستفيدة من التجارب الدولية الناجحة. تحقيق ذلك سيساهم فى جذب المزيد من الشركات العالمية التى تبحث عن سرعة وكفاءة فى عملياتها.

من الأمور التى يجب تعزيزها أيضًا هى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، حيث يمكن للحوافز الضريبية والتسهيلات الائتمانية أن تلعب دوراً محورياً فى جذب الاستثمارات الأجنبية، مما يعزز من كفاءة تشغيل الموانئ ويساهم فى تحسين حجم تداول الحاويات.

كما يجب تحديث البنية التحتية للنقل الجوى والموانئ الجافة، حيث يتوجب على الدولة تخصيص ميزانيات إضافية لتحديث المطارات وتطوير شبكة الموانئ الجافة، من خلال شراء معدات حديثة وإنشاء شبكة نقل متكاملة تربط بين الموانئ والمناطق الصناعية.

هذه الخطوة ستساعد فى تخفيف الضغط على الموانئ البحرية وتعزيز التكامل بين القطاعات.

أيضًا، يجب تحسين بيئة الأعمال وتوفير الضمانات للمستثمرين، حيث يجب إصلاح الإطار التشريعى لتوفير بيئة استثمارية مستقرة، مع تقديم ضمانات لحماية استثمارات الشركاء الأجانب وتأمين تحويل أرباحهم مستقبلاً. هذا الإجراء سيسهم فى زيادة الثقة لدى المستثمرين وتدفق الاستثمارات فى القطاع.

أخيرًا، يبقى قطاع الشحن واللوجستيات حجر الزاوية لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام فى مصر، وعلى الرغم من الإنجازات التى تحققت فى تحديث الموانئ وإبرام الشراكات مع كبرى الشركات العالمية، إلا أن التحديات الإجرائية والبيروقراطية، إلى جانب ضعف بعض القطاعات الداعمة مثل النقل الجوى والموانئ الجافة، ما زالت تعيق تحقيق الطموحات الوطنية.

وإن تبنى حلول اقتصادية عملية تتمحور حول تبسيط الإجراءات وتحديث البنية التحتية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مع التركيز على إنشاء خط ملاحى وطنى وتحسين بيئة الاستثمار، سيساهم بشكل كبير فى تحويل مصر إلى مركز لوجستى متكامل وقوى على المستوى الإقليمى والدولي.وبهذه السياسات الإصلاحية والجهود الحكومية المتكاملة بقيادة الفريق الحكومى المتميز، برئاسة وزير النقل والصناعة، يمكن لمصر أن تثبت مكانتها كوجهة استراتيجية للاستثمارات فى قطاع الشحن واللوجستيات، مما يفتح آفاقاً جديدة للنمو الاقتصادى وخلق فرص عمل متنوعة تدعم التنمية الشاملة للبلاد.

بقلم:
باسم لطفي – مقرر لجنة الاستثمار فى الحوار الوطني، وكيل مجلس إدارة المجلس التصديرى للجلود، وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية شعبة الأحذية والمنتجات الجلدية.

نقلا عن البورصة

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *