بمليارات الدولارات.. الرياض وجوهانسبرج توقعان صفقات ضخمة في موجة استثمار خليجية بالقارة السمراء


الجمعة 25 ابريل 2025 | 12:00 مساءً

استثمارات السعودية في جنوب أفريقيا

استثمارات السعودية في جنوب أفريقيا

شهد العام الماضي زخمًا لافتًا في العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا، تُوج بسلسلة من الاتفاقات الموقعة وأخرى قيد التوقيع تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات، لتصبّ في أكبر اقتصاد صناعي بالقارة الأفريقية، في إطار توجه خليجي متنامٍ، تقوده السعودية والإمارات، نحو تعزيز الحضور الاستثماري في أفريقيا، لا سيما في قطاعات التعدين والطاقة المتجددة والزراعة.

استثمارات الخليج في القارة السمراء

تُعد جنوب أفريقيا مركزًا جاذبًا للاستثمارات الدولية بفضل ثرواتها المعدنية الهائلة، وبنيتها التحتية المتقدمة، إلى جانب شركاتها ذات الكفاءة التشغيلية العالية، والتي تُطرح غالباً بتقييمات أقل من نظيراتها في أسواق ناشئة أخرى.

وقال روڤن نايدو، رئيس قسم الاندماج والاستحواذ في بنك “إنفستيك”، إن الفجوة الواضحة في التقييمات بين جنوب أفريقيا والأسواق الأخرى تجعل منها فرصة استراتيجية للمستثمرين ذوي الرؤية طويلة الأمد، مشيدًا بالكفاءات الإدارية والملكية الفكرية المتميزة التي تتمتع بها الشركات الجنوب أفريقية.

زيارة ولي العهد إلى صفقات بمليارات الدولارات

تعود العلاقات الثنائية المتنامية إلى لقاء بارز جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في عام 2022، بمشاركة عدد كبير من رجال الأعمال، ما فتح الباب أمام زيارات متبادلة كل بضعة أشهر، أسفرت عن مفاوضات وصفقات تُقدر قيمتها بنحو 5 مليارات دولار، تغطي مجالات الطاقة المتجددة، والقطاع العقاري، واللوجستيات، ومحطات الوقود، بعضها تم توقيعه وأخرى لا تزال قيد النقاش.

في هذا السياق، تبحث الخطوط الجوية الجنوب أفريقية إمكانية تدشين خط مباشر بين الرياض وجوهانسبرغ، في ظل تزايد الطلب على الرحلات بين العاصمتين، فيما لم يصدر إعلان رسمي بعد بشأن إطلاق هذا الخط.

وأفاد كريسپن فيري، المتحدث باسم وزارة العلاقات الدولية في جنوب أفريقيا، أن العلاقات مع السعودية “تعززت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى ارتفاع غير مسبوق في الاستثمارات السعودية، كما أعلن عن ترؤس وزير التجارة الجنوب أفريقي لاجتماعات الدورة العاشرة للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في الرياض الشهر المقبل.

من جهته، أشار حسام الغريمل، الملحق التجاري السعودي في جوهانسبرج، إلى وجود تعاون حكومي قوي في مجالي التجارة والاستثمار، لافتًا إلى تحديات مستمرة، على رأسها غياب اتفاقيات استثمار ثنائية، إضافة إلى متطلبات بيروقراطية معقدة تفرضها بعض الجهات الحكومية الجنوب أفريقية.

ضغوط داخلية على تمويل الاستثمارات الخارجية

تأتي هذه التحركات في وقت تواجه فيه المملكة تحديات مالية بفعل انخفاض أسعار النفط، ما قد يحدّ من توسعها في الاستثمارات الخارجية.

وألمح محللون إلى أن صندوق الاستثمارات العامة، الذي يقود استراتيجية الاستثمار السعودية، بدأ يخصص حصة أكبر من أمواله للاستثمارات المحلية، بل وقد يتجه لبيع أصول خارجية لزيادة السيولة.

طاقة متجددة وبنية تحتية في دائرة الاهتمام

ضمن الاستثمارات السعودية الحالية، تبرز شركة أكوا باور و”بوابة البحر الأحمر للموانئ”، المدعومتين من صندوق الاستثمارات العامة، حيث أصبحت السعودية، وفقاً لمجموعة “ستاندرد بنك”، أكبر مستثمر في قطاع الطاقة المتجددة بجنوب أفريقيا.

وقال ناندو بولا، المدير الإقليمي لأكوا باور في جنوب أفريقيا، إن الحكومة الائتلافية الحالية تمنح قدرًا من الاستقرار السياسي والاقتصادي، ما يعزز ثقة المستثمرين، لافتًا إلى استثمارات الشركة التي بلغت حتى الآن 1.9 مليار دولار في ثلاث مشروعات رئيسية، مع خطط لضخ ما يصل إلى 7 مليارات راند إضافية (نحو 378 مليون دولار) في مجالات المياه والطاقة خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

استحواذات مرتقبة في الموانئ والوقود والمعادن

تستعد “بوابة البحر الأحمر” لتقديم عرض تتجاوز قيمته 600 مليون دولار للاستحواذ على ميناء ديربان، أكبر موانئ أفريقيا جنوب الصحراء، رغم بقاء الصفقة معلقة بسبب طعن قانوني في نتائج المناقصة. كما تبدي اهتماماً بميناء كيب تاون في حال تم طرحه للتشغيل.

وفي قطاع الوقود، تسعى أرامكو السعودية للاستحواذ على شبكة محطات الوقود التابعة لشركة شل في جنوب أفريقيا، في صفقة تقدر بنحو مليار دولار، كما أعادت مجموعة زاهد السعودية فتح مفاوضاتها لزيادة حصتها في شركة بارلوورلد ليمتد، الموزع الحصري لمعدات كاتربيلر في أفريقيا، بقيمة تصل إلى 1.25 مليار دولار.

وفي قطاع المعادن، يخطط رجل الأعمال السعودي عجلان بن عبدالعزيز العجلان لاستثمار 500 مليون دولار لإنشاء مصفاة لصهر وتكرير البلاتين في إقليم ليمبوبو، كما أكملت “إس تي سي” استحواذًا على 49% من شركة CMC Networks الجنوب أفريقية العام الماضي.

رؤية 2030 تفتح أبواب أفريقيا

شهد منتدى الأعمال السعودي الجنوب أفريقي في الرياض هذا الشهر مشاركة مسؤولين كبار على رأسهم وكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط للشؤون الدولية البراء الإسكندراني، وذلك بعد زيارة رسمية شملت بورصة جوهانسبرج ومؤسسات صناعية بارزة، وتم الاتفاق على إعداد قائمة جديدة بفرص استثمارية واعدة.

وتأتي هذه التحركات في إطار “رؤية 2030” التي تهدف لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، حيث أعلنت السعودية في وقت سابق من هذا العام نيتها استثمار 41 مليار دولار في قطاعات متنوعة داخل القارة، تشمل الموارد الطبيعية، والأمن الغذائي، والطاقة المتجددة، في خطوة لتعزيز تنافسيتها في القارة أمام جيرانها الخليجيين.

شراكة استراتيجية طويلة الأمد

من جانبه، أكد ستافروس نيكولاو، الرئيس المشارك لمنتدى الأعمال السعودي الجنوب أفريقي، أن تدفق الاستثمارات السعودية سيسهم في تعزيز الاستقرار المالي لجنوب أفريقيا وتقوية روابطها مع الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن دول الخليج استثمرت أكثر من 100 مليار دولار في أفريقيا منذ عام 2014.

وأشار نيكولاو إلى مباحثات جارية لتوسيع الصادرات الجنوب أفريقية إلى السعودية، لتشمل السيارات، والمنتجات الزراعية، والخدمات المالية، في حين ارتفعت صادرات جنوب أفريقيا إلى المملكة إلى 7.3 مليار راند العام الماضي، مقارنة بـ 6.6 مليار راند في العام السابق.

وأضاف “بينما تبقى الأسواق التقليدية مثل الاتحاد الأوروبي جذابة لكنها ناضجة، فإن السوق السعودي الناشئ والطموح يمثل شريكاً مثالياً لمنتجات جنوب أفريقيا التي تتكامل مع مساعي المملكة لبناء اقتصاد متنوع ومبتكر”. 

نقلا عن الجريدة العقارية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *