
من خرائط سايكس – بيكو إلى أحلام إسرائيل الكبرى… كيف تتحول النصوص القديمة إلى أدوات ردع وخطط سياسية؟
من بازل 1897 إلى تصريحات نتنياهو اليوم، حلم “إسرائيل الكبرى” يتنفس بين النصوص الدينية والسياسات الواقعية، فيما تتقاطع ساحات الأردن وسوريا ولبنان على رقعة صراع لا تهدأ.
منذ أن كانت خرائط سايكس – بيكو حبراً على ورق، والمنطقة تعيش تحت سطوة مشروعات كبرى تتبدل شعاراتها لكن لا تتغير غاياتها. من حلم “إسرائيل الكبرى” إلى شعارات الوحدة العربية، ومن تحالفات الحرب الباردة إلى محاور النفوذ الراهنة، يظل الشرق الأوسط مسرحًا مفتوحًا تتداخل فيه الجغرافيا بالتاريخ، والسياسة بالعقيدة، والقوة بالمصالح. في هذا المسرح، كل تصريح، وكل زيارة، وكل اتفاق عسكري ليس حدثًا منفصلاً، بل خيطًا جديدًا في نسيج الصراع الممتد منذ قرن.
ومنذ ظهور فكرة تكوين كيان إسرائيلي في المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل عام.1897، كانت “إسرائيل الكبرى” مجرد مشروع فكري-ديني، يتنازعه داخل الحركة الصهيونية رأيان: الأول يرى أن قيام الدولة يتطلب ظهور “المسيح المخلص” أولاً، والثاني يسعى لتحقيقها بالقوة والسياسة. لكن بمرور الزمن، انتقلت الفكرة من الورق إلى الواقع، حتى قيام دولة إسرائيل عام 1948. وحتى فكرة تهجير الفلسطينيين التي ظهرت في النقاشات عام 1953، كانت آنذاك في خانة التصورات، قبل أن تتحول إلى سياسات أمر واقع لاحقًا.
اليوم، حين يخرج بنيامين نتنياهو – ليس كحاخام أو كاتب رأي، بل كرئيس وزراء – ليعلن تمسكه بمشروع “إسرائيل الكبرى”، فإن التصريح يأخذ بعدًا سياسيًا واستراتيجيًا لا يمكن تجاهله، خاصة في ظل قرارات ضم الضفة الغربية، وقبلها أجزاء من الجليل، وفي وقت تشهد فيه المنطقة محاولات لسحب سلاح المقاومة في لبنان وقطاع غزة. اللافت أن “معهد التوراة” عرض في وقت سابق خريطةً لهذا المشروع، تضم – حسب روايتهم – جنوب النيل في مصر، وفلسطين التاريخية، وشمال السعودية، والأردن، والعراق حتى الفرات، وسوريا ولبنان، استنادًا إلى ما ورد – على حد زعمهم – في سفر التكوين، الإصحاح 15: “لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ”. والسؤال: هل يمكن أن يتحول هذا المشهد المرسوم منذ قرن إلى واقع سياسي في القرن الحادي والعشرين؟
في المشهد الراهن، تتقاطع ثلاث ساحات ساخنة تكشف حجم التعقيدات الجيوسياسية بين المشرق العربي ودوائره الإقليمية: