تراجع إنتاج المصانع اليابانية في مارس تحت وطأة رسوم ترامب

تراجع إنتاج المصانع اليابانية في مارس تحت وطأة رسوم ترامب

سجّل الإنتاج الصناعي في اليابان انخفاضاً الشهر الماضي، في إشارة إلى ضعف الزخم لدى الشركات المصنعة، وسط حالة من عدم اليقين بشأن حملة الرسوم الجمركية الشاملة التي يقودها الرئيس دونالد ترامب.

ووفقاً لما أعلنته وزارة الاقتصاد والصناعة اليابانية اليوم الأربعاء، تراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 1.1% في مارس مقارنة بالشهر السابق، بينما كان الاقتصاديون يتوقعون انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.4%. وتتوقع الشركات المصنعة ارتفاع الإنتاج بنسبة 1.3% في أبريل.

في المقابل، أفادت الوزارة بأن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 3.1% في مارس مقارنة بالعام الماضي، مواصلة سلسلة من الارتفاعات للشهر السابع والثلاثين على التوالي.

وكانت قطاعات السيارات والإلكترونيات وأجهزة المعلومات والاتصالات من أبرز المساهمين في هذا التراجع، في حين ارتفع إنتاج معدات النقل باستثناء السيارات، بحسب الوزارة.

ومن المرجح أن تعزز هذه البيانات المخاوف بشأن مسار الاقتصاد الياباني، في الوقت الذي تحاول فيه السلطات مواجهة تحديات السياسة التجارية الأمريكية.

وفُرضت رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم من الولايات المتحدة في مارس، وتبعها ضريبة مماثلة على السيارات ورسوم أساسية بنسبة 10% على جميع السلع بدأت مطلع هذا الشهر. ورغم أن ترمب يستعد الآن لتخفيف هذه الرسوم على السيارات، إلا أنها لا تزال تهدد جوهر الصناعة اليابانية.

مؤشرات سلبية

وقال تاكيشي مينامي، كبير الاقتصاديين في “معهد أبحاث نوريشوكين”: “الإنتاج الصناعي ضعيف، ومن المرجح أن يظل كذلك مع بدء تأثير الإجراءات الجمركية الأميركية. لا توجد أي مؤشرات على أن الشركات المصنعة ستدعم الاقتصاد الكلي”.

وتدعم بيانات الأربعاء الرأي القائل بأن بنك اليابان سيُبقي سياسته النقدية دون تغيير خلال اجتماع مجلسه المقرر يوم الخميس. وأشار المسؤولون إلى حاجتهم لمزيد من الوقت لتقييم تأثير الرسوم الجمركية، بينما بدأ مراقبو البنك في تأجيل توقعاتهم بشأن رفع أسعار الفائدة.

وقال تارو كيمورا، الاقتصادي في “بلومبرغ إيكونوميكس”: “قد تكون الرسوم الأميركية دفعت بعض المصنعين، مثل شركات السيارات، إلى خفض الإنتاج بحذر بدلاً من الإسراع في تصدير المخزون. وهذا يتماشى مع مؤشرات الصادرات قصيرة الأجل، التي لم تُظهر تحسّناً ملحوظاً قبل دخول الرسوم حيز التنفيذ في أبريل”.

ضغوط على النشاط الصناعي

تتباين بيانات اليابان مع تلك الواردة من كوريا الجنوبية والصين، حيث تجاوزت الدولتان التوقعات بشأن الإنتاج الصناعي لشهر مارس. وارتفع الإنتاج الصيني بنسبة 7.7% على أساس سنوي، بينما صعد الإنتاج الكوري بنسبة 5.3%، ويُعزى ذلك إلى زيادة الطلب قبيل فرض الرسوم.

قد تؤثر الرسوم الأمريكية مجتمعة بشكل عميق على القاعدة الصناعية اليابانية، لا سيما إذا عادت النسبة العامة البالغة 10% إلى المعدل السابق البالغ 24%، الذي أُعلن في البداية قبل منح مهلة مدتها ثلاثة أشهر. ويُقدّر أتسوشي تاكيدا، كبير الاقتصاديين في معهد “إيتوتشو” للأبحاث، أن هذه الرسوم ستخفض صادرات اليابان إلى الولايات المتحدة – أكبر وجهة لصادراتها – بنسبة 10%، مما سيضغط على النشاط الصناعي.

تباطأ نمو الصادرات في مارس أكثر من المتوقع، حيث ارتفعت الشحنات إلى الولايات المتحدة بنسبة 3.1% فقط من حيث القيمة، مقارنة بـ 10.5% في فبراير.

تراجع أرباح الشركات

وبحسب استطلاع أجرته وزارة المالية هذا الشهر، أشار حوالي 10% من الشركات اليابانية إلى أن الرسوم الجمركية أثّرت على أعمالها. وكانت شركة “كانون” خفّضت الأسبوع الماضي توقعاتها للأرباح بنسبة نحو 10% بسبب الرسوم الأميركية وقوة الين مقابل الدولار.

ويُعد تراجع أداء الشركات الكبرى مؤشراً مقلقاً بالنسبة للمسؤولين الماليين والحكومة، نظراً لأن هذه الشركات كانت تقود سياسة زيادة الأجور، وهي عنصر أساسي لدعم التضخم.

ومع ذلك، استفادت بعض الشركات اليابانية مؤقتاً من الرسوم. فقد ارتفعت مبيعات “تويوتا” في أميركا الشمالية بنسبة 7% في مارس، مدفوعة بموجة شراء أخيرة للسيارات قبل بدء تطبيق الرسوم. لكن هذا التأثير يُتوقع أن يتلاشى بدءاً من أبريل.

بالتزامن مع ذلك، يبدو أن التباطؤ في الاقتصاد العالمي وقوة الين، بدأت تؤثر على إنفاق السياح الأجانب، الذين لعبوا دوراً مهماً في تحفيز الطلب خلال السنوات الأخيرة. فقد انخفض إنفاق السياح في سلسلة متاجر “ديبارتمنت ستورز” بنسبة 10.7% الشهر الماضي مقارنة بالعام الماضي، في أول تراجع منذ ثلاث سنوات، وفقاً لجمعية متاجر اليابان.

إنفاق حذِر

لكن هذا التأثير لم ينعكس بعد في أرقام مبيعات التجزئة، حيث أظهرت البيانات نمواً سنوياً. ومع ذلك، انخفضت مبيعات التجزئة بنسبة 1.2% مقارنة بالشهر السابق.

ويبدو أن المستهلكين اليابانيين باتوا أكثر حذراً في الإنفاق التقديري، وسط ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية، حيث ظلت معدلات التضخم عند أو فوق هدف بنك اليابان منذ نحو ثلاث سنوات.

قال مينامي: “تراجع مبيعات التجزئة يعكس ضعف إنفاق المستهلكين وسط ارتفاع تكاليف المعيشة. إنفاق السياح ربما يمرّ بحالة ركود، والأسر اليابانية تعاني من التضخم وتراجع المعنويات، لذلك من غير المتوقع أن يتحسن الإنفاق الاستهلاكي بشكل واضح في المدى القريب”.

المصدر:
اقتصاد الشرق

نقلا عن البورصة

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *