
لاشك أن الفديو المسئ ليوم مولد خير الخلق وسيد ولد آدم أجمعين، ألقى حجرا فى ماء بركة التطرف العطنة العفنة، وفاحت منها رائحة زكمت أنوف المتغافلين عن محاربة الفكر الشاذ البعيد عن صحيح الإسلام، ولا يمكن أن نتهم وزارة الأوقاف وقياداتها جميعا بالتخاذل أو التقصير، وإنما أى عمل بشرى لابد أن يعتريه النقصان، والخطأ وارد فى أى مؤسسة ومن أى إدارة مهما علت رتبتها.
الشاب صاحب الفديو المسيئ للاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف فى مقتبل عمره الدعوى، إذ ما زال يدرس فى مرحلة التعليم الثانوى الأزهرى، وهذا لا يؤهله إطلاقا لاعتلاء المنبر أو التصدر للدعوة، وأتذكر فى هذا المقام عبارة لا أنساها سمعتها فى أوائل الثمانينات من أحد علماء الأزهر الكبار أثناء مناقشة رسالة دكتوراة فى كلية أصول الدين بالقاهرة، إذ قال للطالب بعد إجازته ومنحه الدرجة العلمية الرفيعة: “الآن تستطيع أن تقرأ وحدك”.
أرأيتم كيف أن طالب العلم قبل حصوله على درجة الدكتوراة يحتاج دائما لأستاذ يرشده ويدله ويهديه إلى صراط العلم الصحيح، وكيف يحقق المعلومة وممن يأخذها، وكيف يجمع أطراف المسألة الواحدة من مصادرها الصحيحة حتى يقف على كل جوانبها قبل أن يتكلم بها لعامة الناس.
إن مسؤولية الدعوة إلى الله ضخمة وثقيلة على من يستشعر أمانة الكلمة ويدرك أنه يبلغ عن الله ورسوله، ويقوم مقام الداعية الأول والقدوة المثلى سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين يتصدر للدعوة إلى الله ويعتلى المنبر، المتمثل الآن فى كل وسائل الإعلام.
لقد تحركت وزارة الأوقاف حيال قضية الشاب المتطاول، حركة حكيمة وعاقلة، إذ لم تصب جام غضبها عليه، وأعلنت أن مسؤوليتها هى تعليمه الصواب والرفق به، وفى الوقت نفسه استدعت كل قيادات الدعوة فى مديرية أوقاف الدقهلية التابع لها المسجد الذى تحدث فيه الشاب المخطئ، للمحاسبة على التقصير فى عملهم، والسماح لغير المرخص له بالدعوة أو الخطابة باستخدام منبر المسجد.
وحتى نكون منصفين، لابد أن نعترف بالعجز الهائل فى عدد الأئمة والخطباء ومقيمى الشعائر والمؤذنين، وهذا ما يجعل مثل هذه الأخطاء تتكرر يوميا مع كل إقامة صلاة وفى كل خطبة جمعة فى أماكن شتى.