تصعيد عسكري وانهيار إنساني.. حرب غزة تُشعل التوتر بين إسرائيل وقطر

تصعيد عسكري وانهيار إنساني.. حرب غزة تُشعل التوتر بين إسرائيل وقطر

في ظل استمرار النزاع المسلح في قطاع غزة، تتسارع التطورات السياسية والميدانية بوتيرة غير مسبوقة، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة.

بينما تتجه حكومة بنيامين نتنياهو نحو توسيع العمليات العسكرية، تتصاعد التحذيرات الدولية من مخاطر المجاعة والانهيار الإنساني، في وقتٍ تتزايد فيه الخلافات الدبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الأطراف الإقليمية والدولية، على رأسها قطر.

يعكس المشهد الحالي حالة من الجمود السياسي والانهيار الإنساني والتوترات المتصاعدة التي تهدد بإطالة أمد الصراع وتوسيع دائرته إقليمياً.

نتنياهو

تحركات إسرائيلية لتوسيع الحرب في غزة وسوريا

عقدت الحكومة الإسرائيلية، الأحد، اجتماعها الأسبوعي في ظل أجواء متوترة، حيث تصدّر جدول أعمالها بند توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، وأرجأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو زيارة كانت مقررة لأذربيجان، بسبب التطورات الميدانية المتسارعة في كل من غزة وسوريا.

ومنذ مساء السبت، بدأ الجيش الإسرائيلي بتوجيه دعوات لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط للالتحاق بوحداتهم استعداداً لموجة جديدة من التصعيد، تشمل توسيع العمليات في غزة واستهداف مواقع في سوريا. وأفادت تقارير عسكرية بأن الجيش وضع خطة لاستدعاء 60 ألفاً من جنود الاحتياط، بالتزامن مع إعداد أهداف عسكرية جديدة في الجنوب السوري، خصوصاً قرب ما يُعرف بـ”الحزام الأمني” جنوب دمشق.

توتر دبلوماسي متصاعد بين إسرائيل وقطر

وتصاعدت حدة الخلاف بين إسرائيل وقطر مؤخراً، إذ تبادل الطرفان الاتهامات بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار وجهود الإفراج عن الرهائن. واتهم نتنياهو قطر بـ”اللعب على الجانبين”، داعياً الدوحة إلى اتخاذ موقف واضح من الصراع، قائلاً: “حان الوقت لقطر أن تقرر ما إذا كانت ستقف إلى جانب الحضارة أم الهمجية”، بحسب تعبيره.

في المقابل، ردّت وزارة الخارجية القطرية عبر المتحدث باسمها، ماجد الأنصاري، برفض قاطع لما وصفته بـ”التحريض الإسرائيلي”، مؤكدة أن هذه التصريحات تعكس “خطاب أنظمة استخدمت شعارات زائفة لتبرير جرائمها عبر التاريخ”. وشدد الأنصاري على أن الوساطة القطرية كانت الوسيلة التي أفضت إلى إطلاق سراح 138 رهينة سابقاً، متهماً إسرائيل باستخدام المساعدات الإنسانية كسلاح للضغط والابتزاز.

التصعيد الميداني في قطاع غزة

شن الجيش الإسرائيلي، مساء السبت، غارات على جباليا شمالي قطاع غزة، وأسفرت عن مقتل ثلاثة فلسطينيين على الأقل في مبنى سكني بمدينة غزة. كما أُصيب عدد من الفلسطينيين جراء قنابل ألقتها طائرة مُسيّرة إسرائيلية قرب مستشفى المعمداني.

في مدينة رفح، أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل جنديين إثر انفجار منزل مفخخ، وإصابة جندي آخر بجروح خطيرة. كما أُصيب جندي احتياط بجراح بالغة في اشتباكات شمال غزة. في سياق موازٍ، كشفت شبكة CNN عن مناقشات بين مسؤولين أميركيين وإسرائيليين حول آلية جديدة لإيصال المساعدات إلى غزة، تتجاوز حركة “حماس” المسيطرة على القطاع.

انسداد أفق التفاوض وتصعيد لا ينتهي

رغم الجهود المتواصلة من الوسطاء المصريين والقطريين، لم تُبدِ أي من إسرائيل أو “حماس” استعداداً فعلياً للتراجع عن شروطه في المفاوضات. وتحمّل كل جهة الطرف الآخر مسؤولية فشل التوصل إلى اتفاق، في وقت تعلن فيه إسرائيل أنها ستواصل ضغطها العسكري إلى حين تحرير جميع الرهائن.

وكانت إسرائيل قد استأنفت عملياتها العسكرية في 18 مارس الماضي، بعد انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار، معلنة عزمها على “تحقيق الأهداف كاملة” دون استثناء.

تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة

في موازاة التصعيد العسكري، تتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة بشكل خطير، حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني حصاراً مشدداً منذ استئناف الحرب في مارس الماضي. منظمات دولية وأممية حذرت من “مجاعة وشيكة”، مؤكدة أن المخزونات الغذائية داخل القطاع قد نفدت، فيما لا تزال إسرائيل تمنع دخول المساعدات الإنسانية.

وأكدت المتحدثة باسم وكالة الأونروا، جولييت توما، أن الحصار الإسرائيلي يمثل “قاتلاً صامتاً” للأطفال وكبار السن، مضيفة أن “عائلات كاملة تتقاسم علبة واحدة من الفاصوليا أو البازلاء”، وأن “أطفال غزة ينامون جائعين”. ولفتت إلى أن أكثر من 5000 شاحنة محملة بالمساعدات تقف بانتظار الإذن بالدخول، في ظل استمرار إغلاق المعابر.

وشهدت مدينة رفح، التي كانت تُعد الممر الرئيسي للمساعدات عبر الحدود المصرية، دماراً شاملاً. وقالت “الأونروا” إن المدينة “مُسحت من الوجود”، مع صدور أوامر بإخلاء قسري شملت 97% من سكانها، ما أدى إلى تهجير نحو 150 ألف فلسطيني.

مظاهرات داخل إسرائيل وضغوط لإطلاق سراح المحتجزين

في تل أبيب، تظاهر عشرات الآلاف مساء السبت مطالبين الحكومة بالعمل على إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين في غزة عبر الطرق الدبلوماسية. وعبّر المحتجون عن رفضهم لتوسيع الحرب، معتبرين أنها تشكل تهديداً لحياة الجنود والمحتجزين على حد سواء، وسط اتهامات للحكومة بتجاهل السبل التفاوضية.

وتقول إسرائيل إن 59 رهينة ما زالوا محتجزين لدى “حماس”، بينهم 24 يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة، وهي تصر على ربط الإفراج عنهم بنزع سلاح الحركة وحرمانها من أي دور مستقبلي في حكم القطاع، وهو ما ترفضه “حماس” رفضاً قاطعاً، مطالبة بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية كشرط لأي اتفاق.

تصعيد مفتوح على المجهول

في ظل غياب أفق سياسي واضح، واستمرار العمليات العسكرية، واشتداد الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، يبدو أن الحرب مرشحة لمزيد من التصعيد والانفجار الإقليمي. وبينما تُصر إسرائيل على شروطها الأمنية والسياسية، وتُواجه انتقادات دولية متزايدة بشأن استخدام الحصار كسلاح، يبقى المدنيون في غزة هم الحلقة الأضعف، في انتظار حل لا يبدو قريباً.

نقلا عن صدي البلد

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *