
أكد المهندس محمد علاء، المتخصص في الذكاء الاصطناعي والإعلام الرقمي، أن المرحلة الراهنة تمثل نقطة فاصلة في علاقة التكنولوجيا بالمجتمعات، خاصة مع تصاعد المخاوف من الاستخدام المفرط للذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى.
وأوضح “علاء”، خلال لقائه ببرنامج «اقتصاد مصر» على قناة أزهري، أن منصة «يوتيوب» كانت السباقة في وضع سياسات صارمة تجاه المحتوى الاصطناعي، فقد ألزمت المنصة صناع الفيديوهات بالإفصاح عن أي محتوى معدل أو منتج عبر الذكاء الاصطناعي، خصوصًا ما يشمل تقنيات «الديب فيك» التي يصعب على المشاهد التفرقة بينها وبين الواقع.
وأضاف، أن يوتيوب خصصت وسمًا يظهر بشكل واضح للمستخدمين عند مشاهدة هذا النوع من الفيديوهات، في محاولة لزيادة الشفافية وحماية الجمهور من التضليل البصري والسمعي، مشددًا على أن المنصة لم تكتفِ بالإفصاح فقط، بل ذهبت أبعد من ذلك عبر فرض عقوبات مثل حرمان القنوات من الأرباح، أو حتى إلغاء خاصية تحقيق الدخل بالكامل في حال تكرار المخالفات.
وأشار «علاء»، إلى أن هذه القوانين دخلت حيز التنفيذ الموسع في 15 يوليو 2025، وهو ما انعكس بشكل مباشر على آلاف صناع المحتوى حول العالم، فالكثير منهم يعتمد بشكل رئيسي على أدوات الذكاء الاصطناعي لإنتاج الصور والفيديوهات، الأمر الذي جعلهم عرضة لمراجعة قاسية من قبل المنصة، وأدى إلى تراجع كبير في أرباحهم أو توقف قنواتهم عن العمل.
وأكد أن هذه الخطوات من يوتيوب كانت بمثابة رسالة قوية للمنصات الأخرى، إذ فتحت الباب أمام تبني سياسات مشابهة للحد من انتشار المعلومات المضللة وحماية المصداقية الرقمية
ولم يتأخر رد فعل المنصات الأخرى، حيث أوضح محمد علاء أن شركتي «ميتا»، و«تيك توك» اتجهتا أيضًا إلى تبني سياسات مشابهة تقوم على إلزام صناع المحتوى بوسم المواد التي يتم إنتاجها أو تعديلها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وبيّن «علاء»، أن الهدف الرئيسي لهذه الخطوة هو تعزيز الشفافية، بحيث يكون المشاهد على علم مسبق بأن ما يراه ليس بالضرورة حقيقة كاملة، بل قد يكون نتيجة معالجة رقمية. وأكد أن الإفصاح لم يعد مجرد خيار أخلاقي، بل أصبح ضرورة تقنية وتشريعية تفرضها القوانين وتلزم بها الشركات الرقمية الكبرى.
وفي سياق تحذيراته، أشار محمد علاء، إلى خطورة التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستنساخ أصوات أو صور شخصيات عامة دون إذن مسبق. ولفت إلى أن هذا السلوك قد يعرّض الناشرين إلى عقوبات متعددة تبدأ بحذف المحتوى فورًا، وتمتد إلى وقف تحقيق الدخل، بل وربما تصل في المستقبل إلى المساءلة القانونية المباشرة.
وأوضح، أن هذه المخاطر لم تعد نظرية، بل واقع يواجهه العديد من المؤثرين والناشرين الرقميين الذين استُخدمت صورهم أو أصواتهم في مقاطع «ديب فيك» مضللة، ما أدى إلى أزمات قانونية وأخلاقية.