
في الماضي، كانت مجرد “حبة” من ذهب برتقالي، تتدحرج على عربة بائع متجول في أحد شوارع القاهرة، تنبعث منها رائحة الدفء والشتاء.
اليوم، تحولت البطاطا الحلوة المصرية من مجرد وجبة شعبية بسيطة إلى سلعة تصدير استراتيجية، تنافس بقوة في الأسواق العالمية وتحقق أرقامًا قياسية حتى أصبحت أحد أهم المحاصيل الزراعية التصديرية من مصر.
نمو قياسي: الأرقام تتحدث عن نفسها
يشهد إنتاج البطاطا الحلوة المصرية نموا مذهلا في السنوات الأخيرة، فمنذ عام 2021، زادت المساحة المزروعة بنسبة 33.3%، لترتفع معها كمية الإنتاج بنسبة 16.8%، وتصل إلى 440 ألف طن.
تألق البطاطا الحلوة المصرية جعل وزارة الزراعة الأمريكية تعد تقريرا كاملا عن هذا النبات للمرة الأولى، بعد أن أصبح أحد أهم المحاصيل التصديرية المصرية في السنوات الأخيرة.
هذا التوسع ليس عشوائيا، بل هو استجابة مباشرة لارتفاع الطلب العالمي، خاصة من الأسواق الأوروبية التي تبحث عن بدائل موثوقة في ظل نقص الإمدادات من دول مثل إسبانيا بسبب الجفاف، بحسب تقرير وزارة الزراعة الأمريكية.
سحر الأصناف المصرية
تعتبر مصر مركزا لزراعة عدة أصناف من البطاطا الحلوة، أبرزها “بيوريجارد” و”إيفانجلين” و”بلفيو”. هذه الأصناف، ذات اللون البرتقالي الزاهي والطعم الحلو، تحظى بطلب كبير في الأسواق الأوروبية، خاصة في هولندا.
يعتمد المزارعون المصريون على تقنيات زراعية متقدمة وممارسات جودة عالية لضمان أن تكون هذه المنتجات مطابقة للمعايير الدولية، بدءا من زراعة الشتلات في أبريل وصولاً إلى الحصاد في أغسطس.
أوروبا: سوق من ذهب
تُشكل صادرات البطاطا الحلوة المصرية جزءا كبيرا من الإنتاج المحلي، حيث يتم تصدير ما يتراوح بين 55-60% من إجمالي المحصول سنويا.
ارتفعت قيمة الصادرات الإجمالية لمصر لتصل إلى 181.8 مليون دولار بنهاية عام 2024، ما جعل مصر أكبر مورد عالمي للبطاطا الحلوة.
في أوروبا، قفزت الصادرات المصرية إلى بشكل صاروخي خلال سنوات قليلة، حيث نمت الكميات من 35.2 ألف طن متري في عام 2020 إلى 149.5 ألف طن في عام 2024.
كما ارتفعت قيمة الصادرات من 28 مليون دولار إلى 113 مليون دولار في نفس الفترة نفسها بنمو قياسي سجلت نسبته 303%.
المملكة المتحدة: عشق بريطاني لنكهة مصرية
لا تقل أهمية سوق المملكة المتحدة عن باقي أوروبا. فمع قطاع التصنيع الغذائي المتقدم ووعي المستهلكين المتزايد، أصبحت المملكة المتحدة أكبر سوق استهلاكي للبطاطا الحلوة في القارة العجوز.
زادت كمية الصادرات المصرية إلى انجلترا من 28.5 ألف طن متري في عام 2020 إلى 49.8 ألف طن متري بنهاية عام 2024.
عربة البطاطا المحلية
يستهلك المصريون البطاطا الحلوة مباشرة (بعد خبزها في الفرن) أو يضيفونها إلى وجباتهم في الشتاء كوجبة خفيفة مغذية أو طبق جانبي بسيط أو يستخدمونها في الكعك والمعجنات والحلويات الأخرى.
وتنتشر العربات الصغيرة المزودة بأفران بسيطة في شوارع المدن الحضرية في مصر خلال فصل الشتاء وتباع البطاطا الحلوة بأسعار معقولة. ومن المتوقع أن يستمر الاستهلاك المحلي للبطاطا الحلوة في النمو، مدفوعًا بتزايد نمط الحياة الصحي بين شريحة كبيرة من السكان.
تشتهر البطاطا الحلوة بقدرتها على التكيف وفوائدها الغذائية وشعبيتها المتزايدة بين المستهلكين المصريين المهتمين بالصحة، ويزداد الطلب عليها في السوق المحلية، إذ يتم استهلاك ما يتراوح بين 40-45% من الإنتاج السنوي محليا.
استثمار للمستقبل
عزا المجلس التصديري للحاصلات الزراعية المصري، التوسع في زراعات البطاطا وصادرتها إلى تحسين أساليب الإنتاج وتطوير عمليات التعبئة والتغليف بما يتماشى مع المعايير الدولية.
علاوة على ذلك، ساهم الاستثمار في البنية التحتية الزراعية والتوسع في زراعة البطاطا الحلوة بشكل كبير في زيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية من البطاطا الحلوة إلى العالم.
The post “ذهب مصر البرتقالي”.. البطاطا الحلوة المصرية من “عربة الشارع” إلى العالم appeared first on Economy Plus.