“رؤية 2030” تصارع “تخمة المعروض” والنفط المنخفض.. هل ينجو قطاع العقارات السعودي من العاصفة؟
الاربعاء 16 ابريل 2025 | 12:45 مساءً

العقارات في السعودية – أرشيفية
يواجه قطاع العقارات التجارية في المملكة العربية السعودية معركة شرسة بين طموحات “رؤية 2030” وتحديات اقتصادية تلوح في الأفق؛ فبينما تتوقع تقارير نموًا مدفوعًا بالمشروعات العملاقة وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، يخشى محللون من تأثير تخمة المعروض وانخفاض أسعار النفط على استدامة هذا النمو.
فقد أشارت وكالة “إس آند بي غلوبال ريتينغز” في تقرير حديث لها إلى أن “رؤية 2030” بمشروعاتها الطموحة في قطاعات التجزئة والسياحة والترفيه، مثل نيوم ووجهة البحر الأحمر والعُلا، تستعد لتوجيه دفعة قوية للطلب على العقارات التجارية، مدعومة بقوة شرائية متزايدة ناتجة عن التركيبة السكانية الشابة في المملكة.
السياحة هدف استراتيجي للنمو العقاري
وتعزز هذه التوقعات رفع المملكة لمستهدفها السياحي الطموح إلى استقطاب 150 مليون زائر سنويًا بحلول عام 2030، بعد أن كان الهدف الأولي 100 مليون زائر عند إطلاق “رؤية المملكة 2030”.
وتُعتبر السعودية القطاع العقاري ركيزة أساسية في خططها لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط، حيث بلغت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي 14% خلال عام 2024.
“تسونامي” عقاري قادم يهدد الإيجارات
إلا أن التقرير ذاته دق ناقوس الخطر بشأن النمو الهائل في المعروض العقاري التجاري. فبينما من المتوقع أن تحافظ المناطق الرئيسية مثل الرياض وجدة على مستويات الإيجارات، فإن التوقعات تشير إلى نمو المساحات التجارية بنسبة 50% في الرياض و75% في جدة بحلول عام 2027، وفقًا لتقديرات “نايت فرانك”.
هذا النمو الضخم في المعروض قد يضغط بشدة على أسعار الإيجارات في المناطق الأقل جاذبية، مما قد يدفع الملاك إلى تقديم خصومات وحوافز للحفاظ على نسب الإشغال.
إجراءات حكومية لكبح جماح الأسعار
وقد اتخذت المملكة مؤخرًا خطوات للسيطرة على ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات في الرياض من خلال حزمة من الإجراءات التنظيمية، بما في ذلك رفع الإيقاف عن تطوير مساحات واسعة من الأراضي وتوفير عشرات الآلاف من الوحدات السكنية بأسعار ميسرة.
إلا أن مؤشر الرقم القياسي لأسعار العقارات في المملكة لا يزال يشهد تسارعًا في وتيرة ارتفاعه، مسجلاً 4.3% خلال الربع الأول من العام الحالي، وهو أعلى مستوى منذ الربع الثاني من عام 2023، مع ارتفاع أسعار العقارات التجارية بنسبة 2.5%.
تحذيرات للمطورين وتراجع أرباح “الريت”
وتنصح “إس آند بي” شركات تطوير العقارات التجارية بتوخي الحذر نظرًا لارتفاع تكلفة تطوير المشروعات الكبيرة، مما قد يضغط على جدارتها الائتمانية، إذا واجهت صعوبات في تحقيق الأرباح المتوقعة نتيجة انخفاض عائد الإيجارات. وفي سياق متصل، شهدت الأرباح المجمعة لصناديق الريت المدرجة في سوق الأسهم السعودية انخفاضًا حادًا بأكثر من 52% خلال العام الماضي، بعد نمو أرباح 6 صناديق فقط من أصل 18 صندوقًا مدرجًا.
“ضربة مزدوجة” من النفط المنخفض
من جهة أخرى، حذرت الوكالة من أن انخفاض أسعار النفط قد يشكل “ضربة مزدوجة” للقطاع العقاري التجاري، حيث سيضغط على المالية العامة للمملكة ويقلص الإنفاق الحكومي، كما قد يؤثر سلبًا على نمو القطاع غير النفطي الذي تعتمد عليه “رؤية 2030” في تحقيق أهدافها.
وقد خفضت “إس آند بي” توقعاتها لأسعار النفط خلال الفترة المتبقية من العام إلى 65 دولارًا لبرميل برنت و60 دولارًا لبرميل خام غرب تكساس الوسيط، وسط توقعات بتخمة في المعروض العالمي، ويبدو أن قطاع العقارات التجارية في السعودية يقف على مفترق طرق، حيث تتنافس الطموحات الكبيرة مع تحديات اقتصادية ومعروض متزايد.
نقلا عن الجريدة العقارية