
شهدت منطقة الدورة في العاصمة العراقية بغداد، واقعة مؤلمة هزّت الأوساط الدينية والشعبية، بعد وفاة الشيخ عبد الستار القرغولي، إمام وخطيب جامع كريم الناصر، إثر تعرّضه لاعتداء داخل المسجد، وذلك قبيل صعوده على المنبر لإلقاء خطبة الجمعة.
وبحسب بيان صادر عن المجمع الفقهي العراقي، فإن الشيخ القرغولي تعرّض للاعتداء أثناء تواجده داخل الغرفة المخصّصة للإمام والخطيب، حيث أُفيد بأنه دُفع واحتُجز من قبل عدد من الأشخاص، ما أدى إلى فقدانه الوعي، ليُنقل لاحقًا إلى المستشفى، إلا أن جهود الطاقم الطبي لم تنجح في إنقاذه، وفارق الحياة متأثرًا بحالته الصحية.
كشفت مصادر إعلامية محلية عن خلاف سابق في مسجد كريم الناصر، حيث اعتمد ديوان الوقف السني آلية لتقسيم خطب الجمعة بين الشيخ عبد الستار القرغولي وخطيب آخر، على أن يتناوب الاثنان أسبوعيًا، وتشير المعلومات إلى أن هذه الجمعة كانت من نصيب القرغولي، إلا أن الخطيب الآخر حضر إلى المسجد برفقة مجموعة من الأشخاص قدموا بسيارة ملاكي من منطقة الرضوانية، قبل موعد الصلاة بوقت قصير، وتجمعوا في أرجاء المسجد.
وخلال استعداد الشيخ للصعود إلى المنبر، تم منعه من أداء خطبته واحتُجز داخل الغرفة المخصصة له، ونقل شهود عيان أن اثنين من الحاضرين دخلا إلى الغرفة، بينما سمع المصلون صراخه وهو يقول: «عوفوني»، أي اتركوني، دون أن يتمكن أحد من التدخل أو معرفة تفاصيل ما يحدث داخل الغرفة، وبعد دقائق نُقل القرغولي وهو في حالة إغماء إلى المستشفى، وهناك أُعلنت وفاته لاحقًا.
من جانبها، أعلنت وزارة الداخلية العراقية فتح تحقيق عاجل في ملابسات الحادث، مشيرةً إلى أنها ألقت القبض على عدد من المتورطين، وأن التحقيقات ما تزال جارية لمعرفة تفاصيل الاعتداء وأسبابه.
وفي بيان منفصل، أفادت خلية الإعلام الأمني بأن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أمر بتشكيل لجنة تحقيق خاصة تضم ممثلين عن قيادة عمليات بغداد، ووزارة الداخلية، وجهاز الأمن الوطني، للنظر في حيثيات الحادثة، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الجناة.


في تطورٍ لافت، كشف مصدر أمني عن أن مشادة كلامية نشبت بين الشيخ القرغولي وبعض الأفراد المرتبطين بالإمام والمؤذن السابقين، على خلفية تغيير الإمام المعتمد في الجامع، ووفقًا للمصدر، فإن الشيخ الراحل كان يعاني من أمراض قلبية، ويُرجح أن التوتر النفسي المصاحب للحادثة تسبب له بسكتة قلبية أودت بحياته.
وأضاف أن الجهات الأمنية تحفظت على الإمام والمؤذن السابقين في إطار التحقيقات الجارية، فيما لم تُعرف بعد الأسباب الدقيقة وراء الخلاف الذي تطوّر إلى هذا الحد.
وكان الشيخ عبد الستار، الملقب بـ«أبو مصطفى»، من الوجوه الدينية البارزة في المنطقة، وعُرف بالتزامه بالحضور المبكر إلى المسجد كل يوم جمعة، حيث كان يصل في ساعات الصباح الأولى، وتحديدًا بين الساعة التاسعة والعاشرة، ويدخل إلى غرفته الخاصة حتى موعد الصلاة، وبحسب شهود عيان، فشهد ذلك اليوم حضورًا لافتًا لحوالي 75 شخصًا داخل المسجد، بعضهم لم يكن من رواد المسجد المعروفين.
ردًا على الحادث، أعلن المجمع الفقهي العراقي تقديم طلب رسمي إلى الرئاسات الثلاث في البلاد، داعيًا إلى التدخل العاجل للتحقيق في ملابسات الحادثة، وضمان محاسبة المتورطين، كما أكد رفع دعوى قضائية ضد جميع المتسببين في وفاة الشيخ القرغولي، مشددًا على ضرورة إصدار مذكرات قبض بحق من تورّط في وفاته، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.