
أسدل مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى الستار على دروته الـ ٨٢، أمس الأول، برئاسة ألبرتو باربيرا، بحفل ختام وزعت خلاله جوائز الدورة الـ٨٢، وقدمته المذيعة الإيطالية إيمانويلا فانيللى، وسط أجواء احتفالية كبيرة، والتى استهلت حفل الختام، حيث بدأت إيمانويللا فانيلى، مقدمة الحفل، سريعًا، بتذكير الحضور بالمكرّمين الشرفيين لهذا العام، المخرج الأسطورى فيرنر هيرتزوج، والمخرج الأمريكى جاس فان سانت، والفنان جوليان شنابل.


وذكر الحفل الجمهور بإنجازات الدورة السابقة، حيث فاز المخرج الإسبانى بيدرو ألمودوفار بجائزة عن فيلمه «The Room Next Door» من بطولة تيلدا سوينتون وجوليان مور، كما حصل برادى كوربيت على الأسد الفضى لأفضل إخراج عن فيلمه «The Brutalist»، الذى حصد لاحقًا ثلاث جوائز أوسكار، بينما فازت نيكول كيدمان بكأس فولبى لأفضل ممثلة.


وبعد ١١ يوما مستمرًا من عرض أفضل الأفلام وأحدثها، اختتمت الدورة الـ٨٢ وشهد حفل الختام تتويجا للسينما الفلسطينية ورسالة مؤثرة لدعم أطفال غزة، حصد فيلم «صوت هند رجب»، للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، جائزة الأسد الفضى، والتى منحتها لجنة التحكيم للفيلم الذى يتناول قصة استشهاد طفلة فلسطينية ذات ٦ أعوام، شارك فى بطولته كل من كلارا خورى، وعامر حليحل، وسجى كلانى، ومعتز مليس، وتسلمت مخرجته التونسية كوثر بن هنية الجائزة.


وكان الفيلم قد أحدث ضجة كبيرة بعرضه فى المهرجان، وتأثر الحضور بمتابعته، ووقفوا ٢٣ دقيقة تصفيقا له وسط بكاء صناعه وأبطاله، والذين حملوا صورة هند رجب، الطفلة الغزاوية التى يتناول الفيلم قصتها، كما رفعوا العلم الفلسطينى داخل قاعات العرض، إذ تناول «صوت هند رجب» قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب، ذات الـ٦ سنوات قبل استشهادها، إذ عُثر على جثمانها بعد ١٢ يومًا على مغادرتها وأسرتها، تنفيذا لقرار قوات الاحتلال بإخلاء مناطق غرب قطاع غزة، أملًا فى الاحتماء من القصف، والمسعفين اللذين هرعا لإنقاذها، من الحصار الذى فرضه الجيش الإسرائيلى على المركبة التى كانت تنقلها وعائلتها.
وحظى الفيلم بدعم كوكبة من نجوم هوليوود، الذى انضموا كمنتجين تنفيذيين، بينهم براد بيت، يواكين فينيكس، ورونى مارا، إلى جانب المخرجين ألفونسو كوارون وجوناثان جليزر، على أن يشارك الفيلم لاحقًا فى العديد من المهرجانات السينمائية العالمية.


وعلقت المخرجة كوثر بن هنية على فوز فيلمها «صوت هند رجب» بجائزة لجنة التحكيم الكبرى فى مهرجان فينسيا: «أُهدى هذه الجائزة إلى الهلال الأحمر الفلسطينى وإلى كل أولئك الذين خاطروا بكل شىء لإنقاذ الأرواح فى غزة، إنهم أبطال حقيقيون».
وأضافت «كوثر» لحظة تسلم جائزتها: «صوت هند هو صوت غزة ذاته، صرخة استغاثة كان بإمكان العالم بأكمله سماعها، لكن لم يجبها أحد، سيظل صوتها يتردد حتى تتحقق المساءلة وينجز العدل، نؤمن جميعًا بقوة السينما، إنها ما يجمعنا هنا الليلة، وما يمنحنا الشجاعة لرواية القصص التى قد تُدفن لولا ذلك».
وتابعت المخرجة كوثر بن هنية: «لا تستطيع السينما إعادة هند، ولا يمكنها محو الفظائع التى ارتُكبت بحقها، لا شىء يستطيع أبدًا استعادة ما سُلب، لكن السينما يمكنها الحفاظ على صوتها، وجعله يتردد عبر الحدود؛ لأن قصتها ليست وحدها، إنها للأسف قصة شعب بأكمله يعانى الإبادة الجماعية، على يد نظام إسرائيلى إجرامى يتصرف بإفلات من العقاب».
وأضافت: «الليلة، هذه القصة ليست عن الذكرى فقط، بل عن الإلحاح. والدة هند، وسام، وشقيقها الصغير إياد، لا يزالان فى غزة. حياتهما لا تزال فى خطر، مثل حياة عدد لا يحصى من الأمهات والآباء والأطفال الذين يستيقظون كل يوم تحت نفس السماء من الخوف والجوع والقصف، أطالب قادة العالم بإنقاذهم. بقاؤهم على قيد الحياة ليس مسألة صدقة، إنها مسألة عدل، وإنسانية، وأدنى ما يستحقه العالم لهم».
وشاركت كوثر بن هنية كلمات والدة هند حيث قالت: والدة هند، وسام، طلبت منى مشاركة هذه الكلمات معكم: «أريد أن أشكركم، والفريق بأكمله، وكل من دعم الفيلم، ودعمونى، ودعم هذه القصة.. كنت أتمنى حقًا أن أكون بينكم اليوم. وآمل أيضًا ألا ينسى العالم أن هند ليست القصة الوحيدة فى غزة، فلا يزال هناك العديد من الأطفال ينتظرون الأمل، أتمنى أن يساعد هذا الفيلم فى وقف الحرب».
واختتمت كوثر بن هنية: «كما أدعو إلى إنهاء هذا الوضع الذى لا يطاق، لقد طفح الكيل ذات مرة، قال رجل حكيم اسمه نيلسون مانديلا: «نعلم جيدًا أن حريتنا ناقصة بدون حرية الفلسطينيين اليوم، كلماته أصبحت أكثر صدقًا من أى وقت مضى، لترقد روح هند فى سلام ولتظل عيون قاتليها لا تنام وفلسطين حرة».
من ناحية أخرى، نال «بينى سافيدى» جائزة الأسد الفضى لأفضل مخرج عن فيلم The Smashing Machine، فيما حصل الفيلم الفرنسى At Work للمخرج فاليرى دونزيلى على جائزة أفضل سيناريو، ضمن المسابقة الرسمية.
وفاز فيلم FATHER MOTHER SISTER BROTHER للمخرج جيم جارموش بجائزة الأسد الذهبى لأفضل فيلم، ويعد «أب أم أخت أخ» من تأليف وإخراج جيم جارموش، ويشارك فى بطولته توم وايتس، وآدم درايفر، ومايم بياليك، وشارلوت رامبلينج، وكيت بلانشيت، وفيكى كريبس، وسارة جرين، وإنديا مور، ولوكا سابات.
وتدور أحداث الفيلم حول اجتماع أشقاء منفصلين بعد سنوات من الانفصال، ويضطرون إلى مواجهة التوترات غير المحلولة وإعادة تقييم علاقاتهم المتوترة مع والديهم البعيدين عاطفيًا.
من ناحية أخرى، شهد الحفل الإعلان عن الفائزين فى قسم «فينيسيا إيميرسيف»، حيث كانت البداية مع فيلم «The Long Goodbye» لـ كيت فوت وفيكتور ماس، اللذين عبّرا عن فرحتهما الغامرة بهذا الفوز، وأكد «ماس» أن موضوع الخرف يمس الكثير من الناس، قبل أن يهدى الجائزة إلى جده.
كما تسلّمت «نيجار موتيفاليمادانيش» جائزة عن فيلمها «Less than 5gr of Saffron»، وقالت فى خطاب مؤثر: «أشتاق إلى زمن لا يُجبر فيه أطفال أى أرض – لا أرضى إيران ولا أى مكان آخر – على المنفى، ليت ذلك اليوم يأتى قريبًا».
وذهبت الجائزة الكبرى فى هذا القسم (الجراند برى) إلى فيلم «The Clouds are ٢.٠٠٠m Up» للمخرجة التايوانية سينغنغ تشين، التى وصفته بأنه «قصة عن الحزن والذاكرة والحب، وعن الثقافة الفريدة لتايوان»، وأضافت أن العمل ثمرة «عامين من الشغف لفريقها»، موجهة الشكر لهم.
وفاز فيلم «Mata Hari» بجائزة أفضل فيلم وثائقى عن السينما، حيث تسلّم الجائزة المخرجان جو بيتشينكوفسكى وجيمس أ. سميث.
وفى قسم «أوريزونتى»، أعلنت رئيسة لجنة التحكيم جوليا دوكورنو عن فوز فيلم «Without Kelly» بجائزة أفضل فيلم قصير، وأوضحت المخرجة لوفيزا سيرين أن الفيلم يتناول «الحب والاشتياق إلى طفل»، مؤكدة أنه يمثل «قصة شخصية جدًا».
وفى لحظة مؤثرة أخرى، تسلّمت المخرجة آنا كريستينا باراجان جائزة أفضل سيناريو فى قسم «أوريزونتى» عن فيلمها «The Ivy»، وأنهت كلمتها بالإسبانية بكلمة قوية: «فلسطين حرة»، لتكون أول إشارة مباشرة خلال الحفل إلى الحرب فى غزة.
وشهدت الدورة الـ٨٢ حضورا قويا لصناع ونجوم السينما العالمية، وعرضا لأحدث الأفلام التى تعد بداية لموسم الجوائز السينمائية المهمة، كعادة مهرجان فينيسيا كل عام أن يستقبل العروض العالمية الأولى للأفلام الجديدة والمهمة، التى تعرض بعدها تباعا فى مهرجانات أخرى، وبعضها يصل للأوسكار ويفوز به، وشهدت الدورة الـ٨٢ لأول مرة مشاركة «جوليا روبرتس» بعد سنوات من غيابها بفيلم «After the Hunt» للمخرج لوكا جواداجنينو، ضمن القسم الرسمى خارج المسابقة، ويحكى عن قصة أستاذة جامعية تواجه سرًا من ماضيها عندما تتهم إحدى طالباتها زميلًا آخر.
كما شارك زميلها نجم هوليوود جورج كلونى فى الدورة الـ٨٢ للمهرجان بفيلمه Jay Kelly للمخرج نوا بامباوخ، وهو فيلم كوميدى يشارك فى بطولته آدم ساندلر، ولورا ديرن، وبيلى كرودوب، ويروى قصة صداقة بين ممثل مشهور ومدير أعماله أثناء سفرهما عبر أوروبا، وتأملهما فى خيارات حياتهما وعلاقاتهما وإرثهما.
وكما شهد المهرجان هذا العام عودة قوية لـ«نتفليكس» بعد غياب، مع عروض قوية لأفلام كبرى مثل «Jay Kelly»، بالإضافة إلى فيلم المخرج جويليرمو ديل تورو «Frankenstein»، وفيلم الإثارة السياسية «A House of Dynamite» للمخرجة كاثرين بيجلو.