
التقط قمر الطقس الفضائي GOES-19 التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوى الأمريكية (NOAA)، مشهدًا نادرًا لكسوف جزئى للشمس من مداره حول الأرض، والذى شهده العالم فى الحادى والعشرين من سبتمبر، والذى كان حدثًا فلكيًا مميزًا.
من موقعه المرتفع، التقط جهاز كومباكت كوروناجراف-1 (CCOR-1) المثبّت على متن القمر الصناعي صورًا غير مألوفة للكسوف، إذ اعتاد هذا الجهاز تصميم “كسوفات اصطناعية” عبر استخدام قرص حاجب يحجب ضوء الشمس المباشر، ما يسمح بدراسة الغلاف الجوي الخارجي الخافت للشمس المعروف بـ الهالة الشمسية، غير أن هذه المرة، نجح فى تسجيل كسوف طبيعى من الفضاء لأول مرة.
وكشف الصور الواردة عن اختفاء قرص الشمس وعن غياب الهالة الشمسية كاملة، فقد وضح بيل تومسون، من مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، أن الأمر لا يتعلق بخلل كونى، بل هو نتيجة مباشرة لآلية معالجة الصور، منوهاً بأن عادةً ما تمثل صور CCOR-1 مزيجًا من الهالة الشمسية والضوء الساطع المنتشر داخل التلسكوب، لكن خلال الكسوف اختفى هذا الضوء، بينما استمرت عملية الطرح كما هى، ما أدى إلى إزالة أجزاء إضافية من المشهد.
ويمثل هذا الاكتشاف خصوصية لأجهزة مثل CCOR-1، التى تدور حول الأرض بحيث يمكن للقمر أن يتقاطع أحيانًا مع مجال رؤيتها وعلى النقيض، فإن أجهزة أخرى مثل مسبار SOHO المتمركز عند نقطة L1 Lagrange لا يمكن أن ترصد هذه الظاهرة، لأن القمر لن يمر أبدًا أمام الشمس من منظورها.
ووفقًا للعلماء، قد تكون هذه هى المرة الأولى التى يسجَّل فيها كسوف طبيعى بأداة فضائية مخصصة لرصد الإكليل الشمسى.
ومن اللافت أيضًا أن مسار القمر عبر الصور لم يبدُ مستقيمًا كما يحدث عادة، بل ظهر بشكل متعرج، لكن هذا لم يكن بسبب حركة القمر نفسه، بل نتيجة مناورة أجراها القمر الصناعي في الثاني والعشرين من سبتمبر تُعرف بـ مناورة انقلاب الانحراف، جرى تنفيذها لمعايرة المركبة وتغيير اتجاهها في الفضاء وهذا التعديل جعل المسار الطبيعي للقمر يبدو وكأنه منحني أو ملتوي في الصور النهائية.
وبهذا، لا يقتصر الحدث على كونه مجرد مشهد جميل نادر من الفضاء، بل يمثل أيضًا تجربة علمية استثنائية تثبت مدى تداخل العوامل التقنية والفلكية في فهم ورصد الظواهر الطبيعية.