لا لتخفيضات إضافية والسوق أمام اختبار جديد


الاربعاء 30 ابريل 2025 | 08:23 مساءً

كشفت خمسة مصادر مطلعة على المحادثات الجارية داخل أوساط صناعة النفط، أن المملكة العربية السعودية أرسلت إشارات واضحة إلى حلفائها وخبراء القطاع تفيد بأنها غير راغبة في الاستمرار في دعم سوق النفط عبر مزيد من تخفيضات الإنتاج، مؤكدة استعدادها لتحمّل فترة ممتدة من انخفاض الأسعار، في تحول لافت عن سياستها المعتمدة على توازن السوق خلال السنوات الماضية، وفقًا لرويترز.

ويشير هذا التغير المحتمل في التوجه السعودي إلى رغبة في زيادة الإنتاج واستعادة حصة سوقية، بعد نحو خمس سنوات من قيادة الرياض لتحالف أوبك+ في جهود تقليص المعروض بهدف دعم الأسعار وتعزيز العائدات النفطية، التي تُعد ركيزة أساسية في اقتصاد عدد من المنتجين.

أسعار النفط السعودي

لم يصدر تعليق رسمي من الحكومة السعودية على ما نقلته المصادر، فيما عبّرت الأخيرة عن وجود حالة من الاستياء في الرياض تجاه بعض أعضاء أوبك+، مثل العراق وكازاخستان، بسبب تجاوزهما المتكرر لحصص الإنتاج المتفق عليها، ما أضعف جهود التنظيم في تحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب.

وبحسب المصادر، فقد أدّت هذه الخروقات إلى إحباط في السعودية دفعها إلى التفكير في تغيير المسار. وفي خطوة بدت تعكس هذا التوجه، دفعت المملكة باتجاه زيادة إنتاج أوبك+ بوتيرة أسرع مما كان مخططًا له في مايو، ما أسهم في تراجع أسعار الخام إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل، وهو أدنى مستوى لها في أربع سنوات.

ورغم أن انخفاض الأسعار يضر بالعديد من الدول المنتجة، خاصة تلك التي تعتمد بشدة على الإيرادات النفطية، إلا أن السعودية أوضحت لمحيطها أنها قادرة على التكيف مع هذا التراجع من خلال زيادة الاقتراض وتخفيض النفقات، بل وربما تأجيل بعض المشاريع الضخمة ضمن رؤية 2030، بحسب أحد المصادر، الذي رفض الكشف عن هويته نظرًا لحساسية المسألة.

وتُعد السعودية من بين المنتجين الذين يحتاجون إلى أسعار مرتفعة نسبيًا لتغطية الإنفاق الحكومي، إذ قدر صندوق النقد الدولي أن السعر التعادلي لميزانيتها يزيد عن 90 دولارًا للبرميل، مقارنة بأرقام أقل لدول مثل الإمارات.

رفع إنتاج النفط السعودي

رغم هذه الظروف، أكدت المصادر أن المملكة قد تمضي في رفع إنتاجها، مشيرة إلى أن هذه الخطوة ليست “حرب أسعار” بقدر ما هي تفكيك تدريجي “مُدار” لتخفيضات الإنتاج.

وأفادت مصادر داخل أوبك+، أن المنظمة قد تسرّع من وتيرة رفع الإنتاج في اجتماعها المقبل في يونيو.

وتُعد روسيا، ثاني أكبر منتج في أوبك+ بعد السعودية، مطلعة على هذا التوجه، لكنها تميل إلى زيادة الإنتاج بوتيرة أبطأ، وتعتمد الموازنة الروسية على سعر للنفط بحدود 70 دولارًا للبرميل، فيما تواجه موسكو ضغوطًا مالية إضافية بسبب نفقات الحرب في أوكرانيا، وقيود العقوبات على صادراتها النفطية التي أدت إلى بيع خامها بأسعار مخفضة.

تغير الاستراتيجية السعودية

يرى بعض المحللين أن التغير في الاستراتيجية السعودية قد يكون محاولة لمعاقبة الدول غير الملتزمة داخل التحالف، أو سعيًا لاستعادة حصص سوقية فقدتها لمصلحة منتجين من خارج أوبك+ مثل الولايات المتحدة وجويانا.

كما أن رفع الإنتاج قد يكون بمثابة استجابة غير مباشرة لمطالب أمريكية بخفض أسعار البنزين قبيل الانتخابات، لا سيما أن الرئيس دونالد ترامب يستعد لزيارة المملكة في مايو، وقد يعرض خلالها اتفاقيات تتعلق بالسلاح والتعاون النووي.

وبينما قررت أوبك+ مضاعفة الزيادة المخطط لها في الإنتاج إلى 411 ألف برميل يوميًا، لا تزال تحتفظ بأكثر من 5 ملايين برميل يوميًا من التخفيضات قيد التفعيل، مع هدف معلن لتخفيفها تدريجيًا حتى نهاية 2026.

وفي تعليق على هذا الوضع، قال جيوفاني ستونوفو، المحلل في بنك “يو بي إس”: “ما زلنا نرى ما يحدث كعملية تفكيك منظمة للتخفيضات وليس بداية لصراع على الحصة السوقية”. 

نقلا عن الجريدة العقارية

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *