
اكد الباحث والمحلل السويدى، ومنسق غرب آسيا بمعهد شيللر العالمي، حسين العسكري، أن قضية فلسطين والأمن والسلام في المنطقة وصلت إلى نقطة فارقة في تاريخها هذا الشهر، مع وجود عديد من التحركات في الجمعية العامة للأمم المتحدة والجامعة العربية ومحافل أخرى مهمة بحيث ستكون الأيام القليلة القادمة حاسمة لوضع العالم اما على طريق السلام والامن والتنمية أو حروب اقليمية وعالمية.
وقال «العسكرى»، في تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، أنه أصبح واضحا أن الكيان الصهيوني بقيادة بنيامين نتنياهو وتحالفه من المتطرفين عقد العزم على إنهاء القضية الفلسطينية بطريقة «الحل النهائي» باستنساخ ما قام به هتلر تحت مسمى «الحل النهائي للمشكلة اليهودية» وهو إبادة جميع الفلسطينيين المتواجدين في أرض فلسطين المحتلة أو تهجيرهم قسرا تحت تهديد الموت.
وتابع أن هذه المجموعة الحاكمة في اسرائيل تؤمن ايمانا انتحاريا بحلم اسرائيل الكبرى، مما يتعبر تهديدا لأمن جميع دول المنطقة بلا استثناء، مؤكدا أن إسرائيل تعبر حاليا عن ذلك النهج بسياسة السيطرة المطلقة على أجواء المنطقة عسكريا تحت مظلة الحماية الأمريكية المطلقة يتجلى ذلك في هجومها على لبنان وسوريا واليمن ثم ايران وأخيرا على قطر.
وأشار إلى أنه في كل الحالات تحاول إسرائيل متعمدة قتل المفاوضين الفلسطينيين أو قطع الطريق أمام أي محاولات للوصول إلى وقف اطلاق نار، ولن تتوقف ماكينة القتل الإسرائيلية من ذاتها وفقط بأن توقفها قوة خارجية إما الولايات المتحدة وهذا مستبعد أو تحالف دولي يضعها أمام الأمر الواقع، موضحا أن الخيار الأول مستبعد حاليا والخيار الثاني محفوف بالمخاطر، لكن هذا هو واقع الحال.
وأضاف «العسكرى»، أن أهم التحركات السياسية والدبلوماسية في الشهرين الماضيين تزايد عزلة إسرائيل والولايات المتحدة دوليا، ومع تصاعد الأصوات المطالبة بحل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية كما حصل في التصويت على القرار الذي دعمته المملكة العربية السعودية وفرنسا في الجمعية العامة للأمم المتحدة بواقع 142 دولة لصالحه مقابل عشرة فقط ضده، موضحا أنه ستتم متابعة هذا الامر ليتم الإعلان عن خطوات أخرى مثل إعلان فرنسا ودول أخرى الاعتراف رسميا بدولة فلسطين في قمة رؤساء الدول في الجمعية العامة يوم 22 سبتمبر الحالي.
وأشار إلى أن معهد شيللر العالمي ينادي بعدم الانتظار لغاية ذلك التوقيت لأنه أولا لن تعترف اسرائيل ولا الويات المتحدة بأي قرارات أممية وثانيا أن الشعب الفلسطيني قد يبدا قبل ذلك التاريخ مع تسارع العملية العسكرية البرية في غزة.
ونوه إلى أن معهد شيللر تحت مظلة تحالف السلام العالمي الذي دعت إلى تأسيسه، هيلجا تسيب لاروش، رئيسة المعهد، كان قد أطلق قبل عامين نداء عالميا للتحرك الفوري لاجبار إسرائيل على وقف عملية الابادة الجماعية واتخاذ جميع الوسائل والاجراءات اللازمة لانقاذ الشعب الفلسطيني فورا، ويتضمن ذلك بالدرجة الأساس وضع الولايات المتحدة اما امر واقع جديد تمثل أسرائيل ومن يقف معها «العدو» للدول العربية والاسلامية.
وأضاف المحلل السويدي أنه يبدو أن الأمور في المنطقة وخاصة بعد الاعتداء على قطر تسير نحو تشكيل تحالف أو تحالفات امنية وعسكرية لمواجهة الخطر الذي تمثله إسرائيل لجميع دول المنطقة والعالم.
وأكد أن حديث الرئيس عبدالفتاح السيسي في القمة العربية والاسلامية حول إحياء الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة وتأسيس اطار عربي وإسلامي للأمن نقطة انعطاف في هذا السياق، خاصة وأن الرئيس السيسي أشار إلى التهديد لاتفاقيات السلام السابقة واستخدم مفردة «العدو» في سياق خطابه وهو ما أثار تساؤلات كثيرة في اوساط المحللين الغربيين.
وأضاف أن الاسراع بتوقيع اتفاقية الدفاع الاستراتيجي بين السعودية وباكستان قبل يومين إشارة واضحة على تغير خارطة الرؤى الاستراتيجية والأمنية لدول المنطقة. من الجدير بالذكر أن الإدارة الامريكية منذ عام 2015 تسعى لتشكيل حلف ناتو عربي اسرائيلي لمواجهة ايران.
ولفت إلى أنه اليوم يبدو أن السياسات الجنونية لإسرائيل والولايات المتحدة قد قلبت السحر على الساحر حيث خرجت إسرائيل من حسابات الأمن في المنطقة وأصبح التطبيع والتعاون مع إيران وتركيا وباكستان أمرا ممكنا تماما.
واختتم بان هذه التحركات يجب أن ترسل اشارة واضحة للولايات المتحدة أن علاقاتها وتحالفاتها السابقة مع دول المنطقة اصبحت غير مستدامة في ظل دعمها للإجرام الإسرائيلي.
السياق الأكبر
فيما تقول هيلجا تسيب لاروش، رئيسة معهد شيللر العالمي، إن السبب الحقيقي وراء هذه السياسة الاسرائيلية الخطيرة هو أن داعمي إسرائيل في الولايات المتحدة وبريطانيا مستعدون لفعل أي شيء لمنع بروز نظام عالمي عادل وجديد كبديل لنظام الهيمنة الاحادية المفلس اقتصاديا لكن المدجج بالسلاح الفتاك، موضحة أن هذه المسألة تضع البشرية جمعاء أمام خطر وجودي للحضارة الانسانية برمتها.
ولفتت إلى أن نشاط معهد شيللر وحركة لاروش في الولايات المتحدة يتركز على الانضمام للقوى الخيرة والمسالمة في الولايات المتحدة واوربا لزيادة الضغط الشعبي لإفهام صانعي القرار انهم سوف يكونون معزولين عن العالم قريبا حيث تتحد دول الجنوب العالمي أو ما نسميه نحن الأغلبية العالمية لتأسيس نظام عالمي عادل جديد.
وأكد أن هنالك طريقين لا ثالث لهما أمام قادة الغرب وهما الاستمرار في التصعيد في فلسطين واوكرانيا ضد روسيا وهو ما قد يقودنا حتما إلى حرب عالمية ثالثة، أو الانضمام إلى هذا النظام الجديد حسب مبادئ المساواة والتعاون رابح رابح.
وتابعت: أثبتت دول البريكس بلاس ومنظمة شانغهاي للتعاون أن قطار التنمية العالمية البديلة للمنظكومة الغربية قد انطلق منذ زمن، وأن مشاريع مثل مبادرة الحزام والطريق للسلام عبر التنمية هي الحل الأمثل لحل مشاكل العالم.
وأكدت أنه بالنسبة لفلسطين ومنطقة الشرق الأوسط، لازال معهد شيللر متمسكا بمبادرته المسماة «خطة الواحة» لإعادة إعمار فلسطين ولبنان وسوريا والعراق عبر مشاريع تنمية للنقل والطاقة والمياه ومكافحة التصحر، ويتضمن ذلك الخطة المصرية لإعادة بناء غزة من دون ترحيل سكانها.