تستمر الجهود المصرية، ممثلة فى كافة الجهات المختلفة وعلى رأسها وزارة السياحة والآثار، فى الاستعداد للافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير، وذلك بعد أن تم تحديده فى ١ نوفمبر من العام الجارى، حيث يتم العمل على الانتهاء من اللمسات النهائية فى المنطقة المحيطة بالمتحف المصرى الكبير والأهرامات.
بالإضافة إلى استعداد وزارة السياحة والآثار لوضع اللمسات النهائية على متحف مركب خوفو، الواقع داخل نطاق المتحف المصرى الكبير، وذلك تمهيدًا لافتتاحه الرسمى بالتزامن مع الاحتفال بافتتاح المتحف المصرى الكبير، وذلك بعد نجاح نقل مركب الملك خوفو الأولى إلى المتحف خلال السنوات القليلة الماضية.
وعُثر على متحف مركب خوفو عالم الآثار الراحل (كمال الملاخ) فى عام ١٩٥٤ فى الجهة الجنوبية لهرم خوفو أثناء تنظيف هذه المنطقة من الرمال المحيطة بها، وكان المركب راقدًا فى حفرة منحوتة فى الصخر تبعد حوالى ١٨ مترًا عن قاعدة الهرم، كما اكتُشف مركب آخر يقطن بحفرة تقع غربى حفرة هذا المركب، وما زالت مغلقة حتى يحين الوقت لإخراج المركب الذى بداخلها.
«مركب خوفو الأول».. أكبر وأقدم أثر عضوى مصنوع من الخشب فى التاريخصُنع مركب خوفو من خشب الأرز الذى كان يتم استيراده من لبنان، وعُثر عليه محفوظا فى حفرة مغطاة بنحو ٤١ كتلة من الحجر الجيرى، ومفككا إلى نحو ٦٥٠٠ جزء، رُتبت مع بعضها البعض بعناية ليتيسر تجميعها، ووُضعت معها أيضًا المجاديف، والحبال، وجوانب المقاصير، والأساطين.
وظل المركب تحت الترميم والتركيب حتى عام ١٩٦١، أى ظل لمدة سبع سنوات كاملة بعد العثور عليه على يد المرمم أحمد يوسف، الذى نجح فى أن يعيد تجميع مركب خوفو المكتشف، ثم استمرت عمليات الترميم ٢٠ عامًا لمعالجة الأضرار الجديدة التى لحقت به حتى افتتح المتحف المخصص لعرض المركب رسميًا فى ٦ مارس سنة ١٩٨٢.
عُرض المركب فى منتصف الصالة الرئيسة بالدور الأول على قاعدة مرتفعة عن الأرض بمقدار ٧.٧٠ متر، وعند صالة العرض بالدور الأرضى يمكن رؤية قاع المركب والشكل العام، ويتكون المتحف بصفة عامة من ثلاثة مستويات مختلفة حول المركب؛ ليتمكن الزائر من رؤية الأثر بالكامل.
نُقل مركب خوفو للمرة الأولى فى موكب مبهج من داخل متحفه بمنطقة آثار الهرم إلى المتحف الكبير بالقرب من أهرامات الجيزة، وذلك يوم الجمعة ٦ من أغسطس ٢٠٢١ باستخدام العربة الذكية ذات التحكم عن بعد، والتى استُقدمت خصيصًا من بلجيكا لنقل المركب قطعة واحدة بكامل هيئتها دون تفكيك، إلى مكان عرضه الجديد بالمتحف المصرى الكبير.
واستغرقت عملية نقل مركب خوفو نحو ١٠ ساعات؛ حيث بلغ طول مسار المركب من موقعه بجوار الهرم الأكبر حتى المتحف الكبير ٧ – ٨ كيلومترات، وترجع فكرة نقل مركب خوفو نتيجة أن مبنى المتحف القديم الخاص بالمركب، الذى أُنشئ منذ ما يزيد على ربع قرن، قد ساعد فى إخفاء الضلع الجنوبى للهرم الأكبر، كما أدى بشكل واضح إلى تشويه بصرى للمنطقة الأثرية.
ومن مسببات نقل مركب خوفو أيضًا وجوده فى مبنى يفتقر إلى أسلوب العرض المتحفى المتميز، الذى يليق بأهمية ومكانة هذا الأثر الفريد، فضلًا عن كون المبنى القديم غير مجهز بوسائل الإتاحة والخدمات التى تسمح باستقبال ذوى القدرات الخاصة. وقد نُقل المركب بعد ذلك إلى المتحف المصرى الكبير.
يهدف مشروع نقل مركب خوفو الأول إلى الحفاظ على أكبر وأقدم وأهم أثر عضوى مصنوع من الخشب فى التاريخ الإنسانى، وهو مركب خوفو الأول الذى يبلغ عمره أكثر من ٤٦٠٠ عام، وعرضها بطريقة لائقة تتناسب مع أهميتها بالمتحف المصرى الكبير.
وعملية إخراج المركب من مقره القديم واجهت تعقيدات وتحديات كبيرة، والتى تم التغلب عليها بواسطة اللجنة المشكلة من إدارة المتحف والأثريين به وزملائهم من المجلس الأعلى للآثار واستشاريين ومهندسين من مكاتب استشارية وأساتذة كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وتم وضع خطة سريعة لتدعيم المركب والمبنى.
يذكر أنه فى إطار التجهيزات والاستعدادات النهائية الجارية للافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير المقرر يوم ١ نوفمبر القادم، أعلنت وزارة السياحة والآثار أنه سوف يتم غلق المتحف بصفة مؤقتة خلال الفترة من ١٥ أكتوبر وحتى ٤ نوفمبر ٢٠٢٥.
وأوضح الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذى لهيئة المتحف المصرى الكبير، أنه خلال هذه الفترة سيقوم المتحف بتنفيذ عدد من الأعمال التنظيمية واللوجيستية تمهيدًا لحفل الافتتاح الرسمى، مشيرًا إلى أن المتحف سوف يستأنف استقبال زائريه بدءًا من يوم ٤ نوفمبر خلال مواعيد العمل الرسمية، والذى يوافق الذكرى الـ١٠٣ لاكتشاف مقبرة الملك الذهبى توت عنخ آمون، وليستمتع الزائرون بالتجربة السياحية الكاملة للمتحف.
جدير بالذكر أن المتحف المصرى الكبير يشهد منذ ١٦ أكتوبر الماضى تشغيلًا تجريبيًا لعدد من الأماكن به، كما بدأت هيئة المتحف بداية من شهر فبراير الماضى فى تطبيق مواعيد الفتح الرسمية الجديدة لهذه الأماكن، حيث يستقبل المتحف زائريه صيفًا وشتاءً طوال أيام الأسبوع من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الساعة السادسة مساءً، كما يشهد المتحف فتحًا مسائيًا يومى السبت والأربعاء من كل أسبوع من الساعة التاسعة صباحًا وحتى الساعة التاسعة مساءً.