
بينما أعلنت الأمم المتحدة رسميًا حالة «المجاعة» في قطاع غزة باعتبارها جريمة حرب تستوجب المساءلة الدولية، يواصل رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو الدفع بجيشه نحو اجتياح شامل للقطاع المنهك، مستندًا إلى غطاء أمريكي غير محدود ومتحديًا القانون الدولي.
يتزامن هذا مع تصاعد الجدل الدولي حول مسئولية إسرائيل عن سياسة التجويع الممنهج، واستقالة وزير خارجية هولندا احتجاجًا على عجز بلاده عن فرض عقوبات على تل أبيب، وفي الوقت الذي قبلت فيه المقاومة الفلسطينية بمقترح هدنة رعته القاهرة وقطر وواشنطن، عاد نتنياهو لطرح شروط جديدة تكشف رغبته في إطالة أمد الحرب.
ومع اتساع دائرة الدمار وتزايد أعداد الضحايا، يظهر أن أهداف الحرب لم تتحقق عسكريًا، بينما تتجه إسرائيل إلى ارتكاب مزيد من الانتهاكات في غزة والضفة على السواء، في مشهد تتقاطع فيه الجرائم الميدانية مع المناورات السياسية والدعاية الدعائية.
وأكد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنّ المجاعة المعلنة في غزة هي نتيجة مباشرة للإجراءات التي تفرضها إسرائيل على سكان القطاع، مشيرًا في بيان أممي مشترك صادر عن «الفاو» و«الأونروا» و«منظمة الصحة العالمية» إلى أنّ الإعلان جاء بعد استيفاء سلسلة من المعايير والإجراءات الدولية الصارمة، أما الأمين العام أنطونيو جوتيريش فشدد على أنّ مجاعة غزة «من صنع الإنسان» وتستوجب محاكمة مرتكبيها كجريمة حرب.
وعلى الصعيد الفلسطيني، رأت حركة حماس أنّ هذا الإعلان يفضح جرائم الاحتلال غير الإنسانية ضد الشعب في غزة، مطالبةً بتحرك دولي عاجل لوقف سياسة التجويع وفتح المعابر لإدخال المساعدات، وفي تطور لافت، قدّم وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب استقالته، احتجاجًا على ما اعتبره تقاعس حكومته عن اتخاذ خطوات جادّة لفرض عقوبات على إسرائيل بسبب تجويع الفلسطينيين، وهو ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا جراء سياسة التجويع الممنهج.
وبعد أن وافقت حركة حماس على الهدنة التي اقترحتها مصر ليبيا اليومالماضي، والتي تنص على وقف إطلاق النار لمدة ستين يومًا يتخللها الإفراج عن عشرة محتجزين (يمثلون نحو نصف الأحياء ونصف عدد الجثامين لدى المقاومة)، مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وإدخال المساعدات الإنسانية خلال فترة التهدئة، عاد بنيامين نتنياهو يوم الجمعة ليطالب بجولة مفاوضات جديدة.