
كتبت: هدى السهيلي
تتجه غالبية توقعات المحللين إلى أن البنك المركزي المصري سيخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، على الرغم من التوقع بارتفاع معدلات التضخم نتيجة الزيادات المنتظرة في أسعار الوقود والكهرباء.
من المنتظر أن تستأنف الحكومة رفع الدعم عن أسعار البنزين في أكتوبر المقبل، وذلك بحسب حديث رئيس الوزراء خلال مؤتمر صحفي عُقد في أبريل الماضي بعد الإعلان عن الزيادة الأولى في أسعار الوقود هذا العام برفع الأسعار بنسبة تصل إلى 15%. وهناك حالة من الترقب لزيادة جديدة في أسعار الكهرباء للمنازل خلال الشهر المقبل.
البنك المركزي سيراقب معدلات التضخم
يرى محمد أبو باشا، كبير الاقتصاديين لدى “إي إف جي القابضة”، أن البنك المركزي المصري يتجه نحو خفض تدريجي لأسعار الفائدة. ويتوقع أبو باشا خفضًا بنسبة 1% في الاجتماع المقبل، يليه خفض إجمالي يصل إلى 3% خلال الاجتماعات اللاحقة في أكتوبر ونوفمبر وديسمبر.
وأشار في حديثه لـ “إيكونومي بلس” إلى أن أي خفض كبير للفائدة مستبعد في الوقت الحالي بسبب التوقعات بزيادة أسعار الوقود، مما يدفع البنك المركزي إلى توخي الحذر ومراقبة التضخم عن كثب. وأضاف أن خفضًا أكبر قد يكون ممكنًا العام المقبل، عندما تتضح الرؤية بشكل أفضل حول مسار التضخم.
أبقى البنك المركزي في آخر اجتماعاته في يوليو الماضي على أسعار العائد عند 24% للإيداع و25% للإقراض. وكان المركزي قد خفض أسعار العائد مرتين خلال العام الحالي، الأولى في أبريل بنسبة 2.25%، ثم خفض آخر في مايو الماضي بنسبة 1%.
تراجع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية ليصل إلى 13.1% خلال شهر يوليو 2025، مقابل 14.4% خلال شهر يونيو 2025، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، التي أشارت إلى تراجع التضخم الشهري أيضاً بنسبة 0.6% عن شهر يونيو 2025.
فيما تسارع معدل التضخم الأساسي في مصر إلى 11.6% على أساس سنوي في يوليو 2025، مقارنة بـ11.4% في يونيو الماضي، وفقاً لبيانات سابقة صادرة عن البنك المركزي.
تثبيت الفائدة قد يكون هو القرار الأقرب
في المقابل، يرى مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة “عربية أون لاين”، أن قرار تثبيت الفائدة قد يكون الأقرب في الاجتماع المقبل، لمراقبة أثر القرارات الأخيرة المتعلقة بضريبة القيمة المضافة على البترول الخام والإنشاءات والتبغ والكحوليات التى لم يظهر بعد، إلى جانب احتمالات زيادة أسعار الكهرباء والمحروقات في الفترة المقبلة، وهو ما قد يدفع التضخم للعودة إلى الصعود مرة أخرى لمستويات تتراوح بين 16% و18% خلال 2025.
بالإضافة إلى استمرار الضبابية العالمية الناتجة عن سياسات تجارية مثل الرسوم الجمركية الأمريكية، فضلاً عن الحذر الذي يتبناه الفيدرالي الأمريكي.
ولفت إلى أن الحفاظ على معدلات عائد مرتفعة على أدوات الدين المحلية يظل عنصراً حيوياً لاستمرار جذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، خاصة مع اعتماد مصر عليها بشكل كبير في تمويل العجز. كما قال شفيع إن صندوق النقد الدولي كان قد أوصى المركزي المصري بالتحرك بحذر وعدم التسرع في وتيرة خفض الفائدة.
وتوقع أن يمتلك المركزي مساحة لخفض الفائدة بواقع 3% إلى 4% خلال ما تبقى من 2025، ليصل إجمالي الخفض المحتمل إلى ما بين 6% و7.25% على مدار العام.
توقعات بخفض لا يقل عن 200 نقطة أساس
من جانبه توقع محمد عبد العال، الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، أن تتجه لجنة السياسة النقدية إلى خفض أسعار الفائدة بما لا يقل عن 200 نقطة أساس.
وأوضح عبد العال في حديثه لـ “إيكونومي بلس” أن معدلات التضخم العام والأساسي تشهد انحساراً ملحوظاً رغم الارتفاع الطفيف في نهاية الشهر الماضي، مع ترجيحات باستمرار التراجع خلال الأشهر المقبلة، مدفوعاً بتراجع أسعار الغذاء الذي يعوض ارتفاع أسعار السلع غير الغذائية، إلى جانب تراجع معدل التضخم الضمني المستقبلي، وهو المؤشر الذي يُستدل عليه من الفارق بين عوائد السندات التقليدية وتلك المرتبطة بالتضخم.
وأشار إلى وجود توقعات قوية بخفض الفائدة الأمريكية في اجتماع الفيدرالي المقبل بنحو نصف نقطة مئوية، مما يمنح المركزي المصري مساحة أكبر للتحرك. وأضاف عبد العال أن العائد الحقيقي على أدوات الدين ارتفع بصورة كبيرة ليصل إلى نحو 12% على الجنيه و15% على الدولار، وهو ما يسمح بخفض الفائدة دون الإضرار بجاذبية الأوراق المالية المصرية.
وأكد أن المؤشرات الاقتصادية محلياً، سواء على مستوى النمو أو التشغيل، تسير بصورة جيدة، متفقاً مع توقعات مؤسسات دولية مثل “جولدمان ساكس” و”دويتشه بنك” التي رجحت خفضاً كبيراً للفائدة خلال الفترة المقبلة.
الخفض ضرورة لتحفيز الاستثمار
يرى مدحت نافع، عضو اللجنة الاستشارية المتخصصة للاقتصاد الكلي التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، أن الخفض سيكون في نطاق 100 إلى 300 نقطة أساس، مشيراً إلى أن البيانات المتاحة لحظة الاجتماع ستكون الفيصل في تحديد القرار.
وأكد نافع، خلال حديثه لـ “إيكونومي بلس”، أن خفض الفائدة يمثل ضرورة لتقليص تكلفة التمويل وتحفيز بيئة الأعمال والاستثمار، فضلاً عن خفض معدل الفائدة الحقيقية على أدوات الدين، والتي ستظل موجبة حتى بعد أي خفض متوقع.
وأضاف أن ارتفاع شهية المخاطر لدى المستثمرين في الأسواق الناشئة، ومنها مصر، يجعلهم أكثر تقبلاً لعائد حقيقي أقل نسبياً، طالما ظل موجباً، مشدداً على أن ذلك يدعم قدرة المركزي على التحرك في هذا التوقيت.
The post هل تعيق ارتفاعات الطاقة المرتقبة اتجاه خفض الفائدة في مصر؟ appeared first on Economy Plus.