في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، سجلت أسعار الصرف في عدن مستويات قياسية جديدة مساء اليوم الخميس، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي إلى 1630 ريال يمني للبيع – رقم يحكي قصة انهيار اقتصاد بأكمله. ما كان يكفي لشراء كيلو لحم في 2014 لا يكفي اليوم لشراء رغيف خبز واحد، في مشهد يعكس عمق المأساة الاقتصادية التي يعيشها اليمنيون.
في أسواق الصرافة المكتظة بعدن، تجمع المواطنون حول لوحات الأسعار وهم يراقبون بقلق متزايد الأرقام التي تحدد مصير معيشتهم اليومية. فارق 13 ريال بين الشراء والبيع للدولار يعني أن كل 100 دولار تحويل من المغتربين تخسر العائلات 13 دولاراً قبل أن تصل إليها. “الأسعار تتغير كل ساعة، والمواطن البسيط هو الضحية الأولى”، يقول أحمد الصراف الذي يدير محل صرافة عائلي في المدينة، بينما تقف أم محمد تنتظر بقلق تحويلة ابنها من السعودية وتراقب الأسعار التي قد تقلب حساباتها رأساً على عقب.
قد يعجبك أيضا :
منذ بداية الحرب في 2015، خسر الريال اليمني أكثر من 85% من قيمته في انهيار مستمر يذكرنا بما شهدته فنزويلا ولبنان في أزمات مماثلة. الحرب المستمرة وانقسام البنك المركزي ونقص النقد الأجنبي، كلها عوامل تضغط على العملة التي تتآكل بسرعة الملح في الماء. “هذه الأسعار تعكس حالة عدم الاستقرار المستمرة وتنذر بمزيد من التدهور”، يحذر د. علي الحضرمي، الخبير الاقتصادي، مؤكداً أن الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً قبل أن تصل العملة إلى مستويات أكثر كارثية.
في الشوارع والأسواق، تشعر العائلات اليمنية بوطأة هذا الانهيار على حياتها اليومية، حيث تحتاج الأسرة المكونة من 5 أفراد إلى 400 ألف ريال شهرياً للمعيشة الأساسية – مبلغ يملأ حقيبة صغيرة لكنه بات ضرورة للبقاء. محمد التاجر يلخص المعاناة قائلاً: “نتابع الأسعار كل ساعة، فالفارق الصغير يعني خسارة كبيرة لنا وللمستهلكين”. الخبراء الاقتصاديون ينصحون المواطنين بضرورة تحويل مدخراتهم للذهب أو العملات المستقرة، بينما يحاول اليمنيون بين اليأس والتأقلم التعامل مع واقعهم الاقتصادي المؤلم.
قد يعجبك أيضا :
أسعار اليوم تذكرنا بأن الأزمة الاقتصادية اليمنية لم تنته بعد، بل قد تكون في بداية فصل جديد أكثر قسوة. مع استمرار عدم الاستقرار السياسي ونقص الموارد، تبقى الأشهر القادمة حاسمة لمستقبل العملة اليمنية ومعها مستقبل ملايين اليمنيين. هل سيستمر الانهيار ليصل الدولار إلى 2000 ريال، أم أن هناك بصيص أمل في الأفق؟ الأيام القادمة ستحمل الجواب، لكن الواضح أن الوقت أصبح مناسباً لإعادة النظر جدياً في الاستراتيجيات المالية الشخصية قبل أن يصبح الأوان متأخراً.
