في مشهد يعكس مأساة الحرب الاقتصادية الخفية، سجل سعر جرام الذهب في عدن اليوم 196 ألف ريال يمني – رقم صادم يعادل راتب موظف حكومي لثلاثة أشهر كاملة، ويكفي لشراء كيس أرز ضخم يطعم عائلة لشهر. مع الارتفاع الجنوني للأسعار العالمية التي بلغت 4,197 دولار للأوقية، تواجه العائلات اليمنية معضلة مؤلمة: هل تشتري الآن أم تنتظر المجهول؟
في أزقة سوق الصاغة بعدن، تحكي الوجوه المتعبة قصصاً مؤلمة. أم محمد، البالغة من العمر 45 عاماً، تقف أمام واجهة المحل وعيناها تلمعان بالدموع: “أدخر منذ سنتين لشراء طقم ذهب لابنتي العروس، لكن السعر يرتفع أسرع من ادخاري”. فارق 12,800 ريال بين سعر الشراء والبيع – مبلغ يكفي لوجبة عائلة كاملة – يعكس الجشع المدمر لأزمة لم تعد تبقي على شيء.
قد يعجبك أيضا :
لم تأت هذه الأرقام الخيالية من فراغ. تسع سنوات من الحرب المدمرة حولت الريال اليمني إلى قصاصات ورق لا قيمة لها، بينما ارتفعت أسعار الذهب عالمياً بنسبة 300% عما كانت عليه قبل الحرب. د. علي الحميري، الخبير الاقتصادي المختص، يحذر بقسوة: “الأسوأ لم يأت بعد، والأسعار الحالية مجرد بداية لكابوس أكبر قادم خلال الربع القادم”.
في بيوت عدن، تنكسر التقاليد على صخرة الأسعار الجنونية. فاطمة، الشابة البالغة 28 عاماً، اضطرت لبيع طقم ذهبها الوحيد لتغطية تكاليف علاج والدها المريض: “كان أغلى من روحي، لكن حياة أبي أهم”. العرائس يؤجلن أحلامهن، والأمهات يبكين مدخرات العمر، بينما يتساءل الجميع: هل سيعود الذهب يوماً لمتناول الحلم اليمني؟
قد يعجبك أيضا :
مع استمرار الضغط الاقتصادي وتقلبات السوق العالمي، يبقى السؤال الأهم: في زمن يبلغ فيه سعر الجرام الواحد 196 ألف ريال… هل ما زال باستطاعة الحب أن ينتصر على قسوة المال؟ الإجابة تكمن في صمود شعب يقاوم، وفي حكمة مستثمرين يراقبون السوق بحذر، منتظرين اللحظة المناسبة للشراء أو متمسكين بما يملكون كملاذ أخير في بحر من الغموض.