في تطور صادم يتحدى كل منطق اقتصادي، يحافظ الريال اليمني على استقراره المذهل لليوم الـ120 على التوالي في بلد يشهد حرباً طاحنة منذ 9 سنوات! هذه المعجزة النقدية تحطم كل التوقعات، حيث ينام التاجر اليمني للمرة الأولى منذ 2015 دون قلق من انهيار عملته صباح الغد. الخبراء يحذرون: هذا الاستقرار الاستثنائي قد ينتهي مع أي تطور سياسي مفاجئ، ما يتطلب متابعة دقيقة من المستثمرين والمواطنين على حد سواء.
سجلت أسواق الصرف في عدن أرقاماً ثابتة مذهلة: 1617 ريالاً للشراء و1630 للبيع مقابل الدولار، بفارق 13 ريالاً فقط يعكس ثقة نادرة في عملة كانت تشهد انهيارات يومية. “لأول مرة منذ 8 سنوات أنام مرتاح الضمير، لوحات الأسعار لم تعد تتغير كل ساعة كما في الماضي المؤلم”، يروي سالم باحارثة، صراف في عدن، وعيناه تلمعان بالأمل. هذا الإنجاز يأتي بعد انهيار كارثي من 250 ريال إلى أكثر من 2000 ريال – انهيار بنسبة 800% دمر مدخرات ملايين اليمنيين.
قد يعجبك أيضا :
كقائد سفينة ماهر يحافظ على ثبات الدفة في عاصفة عاتية، نجح البنك المركزي اليمني في تطبيق سياسات نقدية محكمة عبر تدخلات مدروسة في السوق. هذا الاستقرار يأتي بعد تاريخ مؤلم من التذبذب العنيف الذي شهده الريال منذ اندلاع الصراع عام 2015، حين فقد المواطنون 80% من قيمة مدخراتهم في أسوأ فترات الانهيار بين 2018-2019. المصادر المصرفية تؤكد أن هذا النجاح نتيجة سياسات نقدية مدروسة واستقرار نسبي في التحويلات الخارجية، لكن الخبراء يحذرون من ضرورة الانتباه للمتغيرات السياسية المحيطة.
بدأت آثار هذا الاستقرار النادر تنعكس بشكل ملموس على الحياة اليومية للمواطنين. فاطمة علي، ربة منزل من عدن، تحكي بابتسامة لم تفارق وجهها منذ شهور: “كنت أعيش في خوف دائم من ارتفاع الأسعار المفاجئ، الآن أستطيع التخطيط لمصروف البيت وتعليم أطفالي لأسابيع قادمة”. هذا الاستقرار فتح نوافذ أمل للاستثمار في المشاريع الصغيرة والعقارات، حيث يتوقع الخبراء عودة تدريجية لبعض رؤوس الأموال المحلية، لكنهم ينصحون بالحذر والاستثمار المتدرج في ظل الظروف الاستثنائية.
قد يعجبك أيضا :
في عالم يشهد تقلبات اقتصادية عنيفة، يقف الريال اليمني كالصخر أمام العواصف، محققاً استقراراً يحسده عليه العديد من العملات الإقليمية. هذه الفترة الذهبية تتطلب استثماراً حكيماً لبناء قاعدة اقتصادية أقوى تضمن ديمومة هذا الإنجاز النقدي الاستثنائي. السؤال الذي يؤرق الجميع الآن: هل ستصمد هذه المعجزة النقدية أمام العواصف السياسية القادمة، أم أن هذا الاستقرار مجرد هدوء يسبق العاصفة؟
