في تطور مفاجئ هز الأوساط الاقتصادية اليمنية، أطلقت الشركة اليمنية للغاز أمس قافلة عملاقة من 461 مقطورة تحمل 1,800,852 أسطوانة غاز منزلي نحو المحافظات المحررة، في أكبر عملية إنقاذ تموينية منذ بداية الأزمة قبل 9 سنوات. بينما كانت آلاف الأسر تواجه أزمة طبخ حقيقية اضطرت معها أم محمد في عدن لاستخدام الحطب منذ أسبوعين، تحركت الحلول على عجلات فولاذية لتعيد الأمل للمطابخ اليمنية.
هدير 461 محرك يخترق سكون الفجر، وقافلة من الأمل تمتد لعشرات الكيلومترات تشق طريقها نحو عدن والمحافظات الجنوبية والشمالية المحررة. المهندس محسن بن وهيط، المدير التنفيذي الذي تحدى الظروف الصعبة، يكشف التفاصيل: “استشعاراً للمسئولية الوطنية الملقاة على عاتقنا، أطلقنا منذ اللحظة الأولى من رفع القطاعات أكبر أسطول في تاريخ الشركة.” كل مقطورة تحمل ما يكفي لـ4000 أسطوانة، والعملية تخدم أكثر من 600,000 أسرة يمنية، أي ما يعادل استهلاك مدينة كاملة بحجم تعز لمدة شهرين كاملين.
قد يعجبك أيضا :
وراء هذا الإنجاز الضخم خطة طوارئ محكمة ناقشها بن وهيط مع مدراء الإدارات عبر تقنية الفيديو، تشمل ضمان استقبال المقطورات وإجراءات التفريغ والمراقبة الصارمة للتوزيع. هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها الشركة أزمات التموين، لكنها بالتأكيد الأضخم والأكثر تنظيماً. الدكتور أحمد الشامي، خبير الطاقة، يؤكد: “هذه العملية نموذج للتخطيط الاستراتيجي في أوقات الأزمات، والأرقام تتحدث عن نفسها.” بينما يصف سالم المقطري، سائق إحدى المقطورات، الرحلة الشاقة: “رغم صعوبة الطرق، كان شعورنا بالمسؤولية تجاه إخواننا في المحافظات يدفعنا للمضي قدماً.”
النتائج لم تتأخر: انتشرت أخبار القافلة سريعاً بين المواطنين وسط ترحيب واسع، وانخفضت أسعار الغاز في السوق السوداء تدريجياً. عودة الحياة الطبيعية للمطابخ اليمنية تعني أكثر من مجرد توفر الغاز، إنها عودة الكرامة لربات البيوت وانتعاش للمطاعم الشعبية والمخابز. التحدي الآن يكمن في ضمان استمرار هذه الإمدادات والمراقبة الصارمة للتوزيع العادل، بينما تحذر الشركة من التعامل مع المحتكرين والالتزام بالسعر الرسمي المحدد.
قد يعجبك أيضا :
461 مقطورة، مليون و800 ألف أسطوانة، وخطة طوارئ محكمة تعكس التزام الشركة بالخدمة المستمرة رغم التحديات. الشركة تعد بالمزيد وتطوير شبكة التوزيع لضمان عدم تكرار الأزمة، بينما تدعو المواطنين للتعامل مع الوكلاء المعتمدين فقط. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون هذه بداية عهد جديد من الاكتفاء في الغاز المنزلي، أم مجرد حل مؤقت لأزمة دائمة في بلد يحاول النهوض من جروح الحرب؟
