في تطور صاعق هز الشارع اليمني، وصلت أسعار صرف الدولار الأمريكي إلى مستويات مرعبة تبلغ 1632 ريال يمني في أسواق عدن وحضرموت، في مشهد يذكرنا بانهيار العملة الألمانية عام 1923. راتب موظف حكومي يمني لشهر كامل لا يساوي اليوم 30 دولار أمريكي فقط، والمواطنون يحملون أكياس بلاستيكية مليئة بالأوراق النقدية لشراء حاجياتهم الأساسية.
في أسواق الصرافة المكتظة بعدن وحضرموت، يتراقص الدولار الأمريكي بين 1617 و1632 ريال يمني، بينما يتحرك الريال السعودي في نطاق 425-428 ريال يمني. “لم نعد نحسب بالدولارات، بل أصبحنا نحسب بالحقائب” يقول عبدالله الحضرمي، صراف محلي يشهد يومياً معاناة المواطنين. أم محمد، الموظفة الحكومية من عدن، تروي مأساتها: “راتبي 50 ألف ريال لا يكفي لشراء 30 دولار، كيف سأطعم أطفالي؟”
قد يعجبك أيضا :
منذ عام 2015، والريال اليمني في سقوط حر مدمر من 215 ريال للدولار إلى هذه الأرقام الفلكية، مسجلاً انهياراً بنسبة 755% خلال ثماني سنوات عجاف. الحرب الدائرة دمرت البنية التحتية الاقتصادية، ونقص النفط خنق الاقتصاد اليمني، بينما التضخم المتسارع يلتهم ما تبقى من القوة الشرائية للمواطنين. الدكتور أحمد السياغي، الخبير الاقتصادي، يحذر من سيناريو أكثر قتامة: “توقعوا عبور حاجز 2000 ريال للدولار قبل نهاية العام إذا لم تتدخل جهات دولية”.
التأثير المدمر يطال كل بيت يمني: أم لثلاثة أطفال تحتاج راتب شهر كامل لشراء علبة حليب مستورد، وسالم المهري المغترب في السعودية يشاهد تحويلاته الشهرية البالغة 500 ريال سعودي تتآكل أمام عينيه. موجة هجرة جديدة تجتاح الشباب المتعلم بحثاً عن فرص أفضل خارج الوطن المنهك، بينما ينصح الخبراء بتحويل ما تبقى من المدخرات للذهب أو العقار قبل فوات الأوان. بين يأس المواطنين وتفاؤل التجار الذين يراهنون على التذبذبات، يقف الاقتصاد اليمني على حافة الهاوية.
قد يعجبك أيضا :
1632 ريال للدولار ليس مجرد رقم، بل صرخة اقتصاد يحتضر ومعه أحلام ملايين اليمنيين في حياة كريمة. السؤال المؤرق الذي يطرح نفسه: هل نشهد الفصل الأخير في قصة العملة اليمنية، أم أن هناك بصيص أمل في نفق الأزمة المظلم؟ الوقت ينفد، والقرارات المالية الحكيمة باتت ضرورة حتمية لا ترف.
