في تطور صادم يهز الاقتصاد اليمني، تتسارع وتيرة انهيار الريال مع فقدان 35% من قوته الشرائية في عام واحد فقط، بينما يحذر البنك الدولي من كارثة اقتصادية وشيكة قد تدفع بملايين اليمنيين إلى هاوية سحيقة من الفقر والجوع. المختصون يؤكدون: الوقت ينفد بسرعة، والدعم السعودي البالغ 1.38 مليار ريال مجرد “إنعاش قلبي” مؤقت لن يمنع الانهيار الكامل.
وسط أصوات طوابير الصرافة المكتظة وهمهمات القلق في أسواق صنعاء وعدن، تكشف الأرقام الرسمية حجم الكارثة: معدل تضخم تجاوز 35% مع توقعات بانكماش إضافي في الناتج المحلي بنسبة 1.5%. “راتبي الشهري لا يكفي لشراء ما كنت أشتريه بنصف راتب قبل سنة”، يقول أحمد سالم، تاجر في صنعاء، وهو يعد أكوام النقود المهترئة. صوت آلات طباعة النقود في البنكين المتنافسين – عدن وصنعاء – يرن كجرس إنذار لاقتصاد ينهار مثل قطعة الثلج تحت الشمس الحارقة.
قد يعجبك أيضا :
تمتد جذور هذه الأزمة عبر أكثر من 3,650 يوماً من الحرب المدمرة التي شلت مصادر الدخل الرئيسية، خاصة بعد توقف صادرات النفط بسبب هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية. الانقسام النقدي بين بنكين مركزيين متنافسين واستشراء الفساد فاقم من حدة الأزمة، مما جعل الوضع يشبه انهيار المارك الألماني في عشرينيات القرن الماضي. د. محمد الريمي، محلل في البنك الدولي، يحذر قائلاً: “نحن أمام كارثة اقتصادية وشيكة إذا لم تتخذ إجراءات جذرية فوراً.”
في الشوارع اليمنية، تتجلى المأساة في تفاصيل الحياة اليومية: أسعار الخبز ترتفع أسبوعياً، والأدوية تصبح كالذهب نفاسة، بينما تذوب قيمة الرواتب والمعاشات كالثلج. “أسعار الخضروات ترتفع كل أسبوع، والراتب يذوب كالثلج”، تتنهد عائشة محمد، ربة منزل من عدن، وهي تراقب أطفالها بعيون مليئة بالقلق. الخبراء يتوقعون موجات هجرة جماعية جديدة وتفاقماً حاداً في أزمة الأمن الغذائي، بينما ينصحون المواطنين بتنويع مدخراتهم والاستثمار في أصول ثابتة قبل فوات الأوان.
قد يعجبك أيضا :
رغم الدعم السعودي السخي والجهود الدولية، يبدو أن الحلول المؤقتة لن تنقذ الوضع دون إصلاحات جذرية وتوحيد للبنوك المركزية واستقرار سياسي شامل. د. فاطمة الأهدل، الخبيرة الاقتصادية، تؤكد: “الحل الوحيد هو الإصلاح الشامل وليس المساعدات المؤقتة.” السؤال الذي يؤرق الملايين الآن: هل سيصحو العالم قبل أن ينهار آخر ما تبقى من الاقتصاد اليمني، أم أن القطار قد فات بالفعل؟
