في تطور اقتصادي مذهل يمكنه إعادة رسم خريطة التجارة البحرية، يستعد مشروع بقيمة 138.9 مليون دولار لتحويل ميناء المخا التاريخي إلى عملاق تجاري قادر على استقبال سفن بحمولة 50 ألف طن – وهو تحول جذري لم تشهده المنطقة منذ عقود. بينما تقرأ هذه الكلمات، رافعات عملاقة تحفر في قاع البحر الأحمر على بُعد 3.2 ميل بحري فقط من أهم خط ملاحة في العالم، لتولد ميناءً قد يقلب حياة ملايين اليمنيين رأساً على عقب.
المشروع، الذي يحمل رقماً قياسياً يعادل ميزانية دولة صغيرة، يهدف إلى مضاعفة طاقة المناولة إلى 2.275 مليون طن سنوياً – أي ما يعادل شحن كمية من البضائع تكفي لملء 45 ألف شاحنة كبيرة شهرياً. أحمد التاجر من تعز، الذي عانى سنوات من اضطراره لشحن بضائعه عبر موانئ بعيدة بتكاليف تفوق 40% من قيمة البضاعة، يروي بعينين دامعتين: “أخيراً سأتمكن من تقليل خسائري والعودة للمنافسة.” عبد الملك الشرعبي، مدير الميناء، أكد أن المشروع “سيُحدث نقلة نوعية شاملة” ويؤهل الميناء للعمل وفق المواصفات العالمية لأول مرة في تاريخه.
قد يعجبك أيضا :
الجذور التاريخية لهذا التحول تمتد عميقاً، حيث كان ميناء المخا نقطة وصل حيوية بين الشرق والغرب لقرون عديدة قبل أن توقف التحديات الاقتصادية دوره الحيوي. اليوم، مع تزايد ازدحام الموانئ الإقليمية والحاجة الملحة لتقليل الاعتماد على موانئ بعيدة ومكلفة، يعود هذا العملاق التاريخي للحياة. د. محمد الاقتصادي، خبير النقل البحري، يؤكد بثقة: “هذا المشروع سيقلب موازين التجارة في المنطقة رأساً على عقب، تماماً كما فعلت إعادة فتح قناة السويس في السبعينيات.” المشروع يتضمن رصيفاً بطول 280 متراً وعمق 12 متراً، مع توقعات بوصول طاقة استيعابية إلى 195 سفينة سنوياً.
قد يعجبك أيضا :
التأثير على الحياة اليومية للمواطنين سيكون ملموساً وفورياً. فاطمة المستثمرة، 38 عاماً، تحكي بحماس: “رأيت في هذا المشروع فرصة ذهبية لإنشاء شركة خدمات لوجستية، والآن أخطط لتوظيف 200 شخص خلال العام الأول.” الخبراء الاقتصاديون يتوقعون انخفاضاً في أسعار السلع الأساسية بنسبة 15-20% في محافظات تعز وإب ولحج والحديدة، بينما ستنتعش فرص العمل في القطاعات اللوجستية والنقل والتخزين. سالم الصياد، 55 عاماً، يشهد على هذا التحول قائلاً: “شهدت تحول المكان من مجرد رصيف صغير إلى ورشة عمل تضج بالرافعات العملاقة وأصوات المعدات التي لا تتوقف ليل نهار.”
قد يعجبك أيضا :
مشروع تطوير ميناء المخا ليس مجرد استثمار في البنية التحتية، بل رهان استراتيجي على مستقبل اليمن كمحور تجاري عالمي. بدعم من الفريق أول ركن طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، ومع توقعات بجذب مليارات الدولارات من الاستثمارات المستقبلية، يقف اليمن على أعتاب نهضة اقتصادية حقيقية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيعيد ميناء المخا كتابة خريطة التجارة في منطقة البحر الأحمر، أم ستحول التحديات دون تحقيق هذا الحلم التاريخي؟
