في تطور صادم هز الأوساط الاقتصادية، سجل الريال اليمني رقماً قياسياً مدمراً السبت 13 ديسمبر، بفارق يتجاوز 1,083 ريال بين صنعاء وعدن – أكثر من ضعفي القيمة بثلاث مرات في نفس البلد ونفس العملة. هذا ليس مجرد تقلب، هذا انهيار منهجي يضع اليمن أمام انقسام اقتصادي كامل. كل دقيقة تأخير في اتخاذ إجراءات حاسمة تعني خسائر أكبر لملايين اليمنيين.
صباح السبت الأسود، استيقظ أحمد المنصوري، موظف حكومي في صنعاء، على كابوس مالي جديد. راتبه الذي يريد إرساله لأسرته في عدن انخفض بنسبة 204% بين ليلة وضحاها. “534 ريال للدولار في صنعاء مقابل 1,617 ريال في عدن – كأنني أعيش في كوكبين مختلفين“، يقول أحمد بصوت مرتجف. الأرقام تتحدث عن نفسها: نفس الدولار الواحد يكلف ثلاثة أضعاف المبلغ حسب المكان الذي تقف فيه.
قد يعجبك أيضا :
خلف هذا الانهيار المروع قصة انقسام سياسي بدأ عام 2014، لكن تداعياته الاقتصادية وصلت اليوم لذروة مدمرة. السيطرة الحوثية على البنك المركزي في صنعاء مقابل الحكومة المعترف بها دولياً في عدن خلقت واقعاً اقتصادياً منفصلاً. “هذا يذكرنا بانقسام العملة في ألمانيا الشرقية والغربية”، يحذر د. محمد الصياد، الخبير الاقتصادي. التوقعات قاتمة: الوضع قد يزداد سوءاً قبل أي بصيص أمل للتحسن.
في الأسواق الشعبية، تحول شراء أبسط الحاجات إلى معادلة رياضية معقدة. فاطمة علي، أم لخمسة أطفال، تحكي بدموع في عينيها: “أريد شراء كيس أرز واحد، لكن لا أعرف بأي عملة أدفع أو كم أحتاج من النقود“. العائلات المنقسمة بين المدينتين تواجه معضلة مستحيلة: إما القبول بخسارة ثلثي القيمة أو الانقطاع تماماً عن الأقارب. سالم الحضرمي، صراف ذكي، يحاول مساعدة الناس لكنه يعترف: “حتى نحن لا نستطيع التنبؤ بما سيحدث خلال ساعات قليلة”.
قد يعجبك أيضا :
عملة واحدة تحولت إلى واقعين اقتصاديين منفصلين تماماً، وبلد يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم يواجه تفكيكاً اقتصادياً كاملاً. الوقت ينفد بسرعة البرق للحفاظ على ما تبقى من الوحدة النقدية. السؤال المصيري: هل سنشهد قريباً ولادة عملتين يمنيتين منفصلتين، أم أن هناك معجزة اقتصادية ستنقذ ما تبقى من الريال اليمني الموحد؟
