في تطور صادم يهدد بغرق ملايين المواطنين في ظلام دامس، تواجه 80 مليون دولار سعودية مخصصة لإنقاذ شبكة الكهرباء المنهارة خطر التوقف الكامل بسبب عاصفة سياسية عاتية. هذا المبلغ الضخم، القادر على إنارة مدينة كاملة لسنوات، أصبح حبيس الاضطرابات الأمنية في أكبر كارثة تهدد الخدمات الأساسية منذ عقود. كل ساعة تمر دون حل تعني المزيد من المعاناة للأسر المحاصرة في الظلام.
أصوات هدير المولدات الكهربائية تملأ الشوارع بينما تجلس أم محمد، ربة منزل في الأربعين، مع أطفالها الثلاثة في ظلام دامس لأكثر من 12 ساعة يومياً. “أشاهد طعام أطفالي يفسد أمام عيني، والامتحانات قريبة لكنهم لا يستطيعون الدراسة بضوء الشموع،” تقول وهي تكافح الدموع. الاتفاق المبارك الذي وُقّع منذ أكثر من شهر بات معلقاً في الهواء، فيما تعاني محطات التوليد من نقص حاد في الوقود وسط ارتفاع جنوني في الطلب على الكهرباء.
قد يعجبك أيضا :
مثل برنامج مارشال الأمريكي لإعمار أوروبا بعد الحرب، كان الدعم السعودي بمثابة طوق النجاة الأخير للدولة التي تصارع أزمة الكهرباء منذ سنوات. لكن الاضطرابات السياسية والأمنية الأخيرة ألقت بظلالها الثقيلة على تنفيذ الترتيبات الفنية والإجرائية، تماماً مثل إعصار يدمر كل شيء في طريقه. المهندس خالد العتيبي، مسؤول سعودي في قطاع الطاقة، يكافح بجهد مضاعف لضمان وصول الدعم رغم التحديات السياسية المعقدة التي تحيط بالملف.
في مصنعه الصغير، يقف فادي السوري عاجزاً أمام آلاته المعطلة: “المولدات الكهربائية تكلفنا أضعاف فاتورة الكهرباء العادية، نحن على شفا الإفلاس.” المشهد يتكرر في آلاف المؤسسات، بينما تمتلئ المستشفيات بأطفال يعانون من الجفاف بسبب انقطاع المكيفات في حر الصيف اللاهب. د. أحمد الطاهر، خبير الطاقة المعروف، يحذر بنبرة قاطعة: “تعطل هذا الدعم قد يؤدي لانهيار كامل في شبكة الكهرباء خلال أسابيع، وحينها لن تنفع الندامة.” الوضع يزداد سوءاً مع كل يوم يمر، والحكومة التي كانت تعوّل على هذا الدعم السعودي باتت تواجه غضباً شعبياً متصاعداً.
قد يعجبك أيضا :
اليوم، بينما تغرق الشوارع في ظلام حالك وتتعالى صرخات الأطفال في الليالي الحارة، يبقى السؤال الأهم: هل ستجد الـ 80 مليون دولار طريقها لإنارة حياة الملايين، أم ستضيع في متاهة السياسة بينما يدفع المواطنون الثمن غالياً؟ الوقت ينفد بسرعة، وكل ساعة تأخير إضافية تكلف الأرواح قبل الأموال في صراع مرير بين الأمل واليأس.
