في تطور صادم يكشف حجم النهب المنظم لجيوب المواطنين، شهدت محافظة تعز حملة رقابية حاسمة استهدفت محطات الوقود التي تستغل معاناة الشعب اليمني، حيث كشفت المحاضر الرسمية عن مخالفات صارخة تؤكد أن ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 300% منذ بداية الحرب لم يكن مجرد نتيجة للأزمة، بل جريمة منظمة ضد كرامة الإنسان اليمني.
انطلقت الحملة الميدانية التي نفذها مكتب الصناعة والتجارة صباح السبت كالصاعقة، مستهدفة عشرات المحطات والمنشآت التجارية في عملية دقيقة لضبط التلاعب بالأسعار. وكشفت النتائج الأولية عن واقع مرعب: محطات تبيع الوقود بأسعار تفوق التسعيرة الرسمية، ومنشآت تخزن السلع لافتعال أزمات غذائية. “أحمد المقطري، سائق تاكسي من تعز، يروي مأساته: ‘كنت أملأ خزان سيارتي بـ 3 آلاف ريال، اليوم أحتاج 15 ألف ريال للكمية نفسها… كيف لي أن أطعم أطفالي؟'”
قد يعجبك أيضا :
الأرقام المرعبة تكشف حقيقة مؤلمة: فقد الريال اليمني أكثر من 80% من قيمته، بينما وصل معدل التضخم في السلع الأساسية إلى أكثر من 1000% في بعض المناطق. هذا الوضع الكارثي لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة سنوات من التلاعب المنظم والاستغلال الممنهج. عبدالرحمن القليعة، مدير عام مكتب الصناعة والتجارة، يؤكد بحزم: “المكتب يتعامل بجدية عالية مع أي تجاوزات تمس استقرار الأسواق أو حقوق المستهلكين”، في إشارة واضحة إلى أن عصر الإفلات من العقاب قد انتهى.
النتائج المباشرة للحملة بدأت تظهر على أرض الواقع، حيث سجلت عدة محطات انخفاضاً طفيفاً في الأسعار خوفاً من المساءلة، بينما شهدت الأسواق حراكاً ملحوظاً في توفير السلع المختزنة. فاطمة العزاني، ربة بيت من تعز، تعبر عن ارتياحها الحذر: “أخيراً شعرت أن هناك من يدافع عنا… لكن أخشى أن يعود الوضع كما كان بعد انتهاء الحملة”. هذا القلق الشعبي مبرر، فالتجارب السابقة تشير إلى أن التحسن المؤقت غالباً ما يتبعه عودة أقوى للممارسات الاستغلالية.
قد يعجبك أيضا :
مع إحالة القضايا إلى نيابة الصناعة والتجارة، تبدأ مرحلة حاسمة في معركة استرداد كرامة المواطن اليمني. الحملات الرقابية المستمرة هي الضمان الوحيد لمنع عودة النهب المنظم، كما أن تفعيل دور المواطنين في الإبلاغ عن المخالفات سيشكل خط الدفاع الأول ضد جشع التجار. السؤال المحوري الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون هذه بداية النهاية لعصر استغلال المواطن اليمني، أم مجرد هدنة مؤقتة في حرب طويلة ضد الفقر والجوع؟
