في تطور مؤثر هز أروقة جامعة حائل، رفض سلطان إبراهيم الشمري، موظف في إدارة المستودعات، الحصول على إجازة مرضية رغم معاناته من آلام حادة في الصدر، مواصلاً عمله بواسطة جهاز أكسجين محمول في مشهد جسد أسمى معاني الإخلاص والانتماء. 95% من الموظفين السعوديين يضعون الواجب قبل صحتهم وفقاً للدراسات الاجتماعية، لكن ما فعله سلطان تجاوز كل التوقعات.
انتشرت صورة الموظف الخمسيني عبر مجموعات واتساب لآلاف المنسوبين، وهو يحمل أسطوانة الأكسجين بيد وينظم الأرفف باليد الأخرى، في مشهد لا ينسى من التفاني. “رأيته يتألم لكنه أصر على إنهاء مهامه قبل الذهاب للمستشفى”، يروي فهد الرشيد، أحد زملائه في العمل، مضيفاً أن صوت جهاز التنفس لم يمنع سلطان من الابتسام لكل من يسأل عن حاله. الأرقام تكشف حقيقة مذهلة: أكثر من 70% من الموظفين يواصلون العمل رغم المرض خوفاً من التقييم السلبي، لكن سلطان فعل ذلك حباً في عمله.
قد يعجبك أيضا :
تضرب هذه القصة بجذورها عميقاً في تربة القيم السعودية الأصيلة، حيث ينشأ الأجيال على معاني المسؤولية والانتماء. “مثل جنود الرسول في غزوة تبوك الذين قاتلوا رغم المرض والتعب”، هكذا علق د. محمد الحارثي، أستاذ علم النفس، مؤكداً أن هذا السلوك يعكس ثقافة الإنجاز المتجذرة في المجتمع السعودي. البيئة الجامعية في حائل، المدينة المعروفة بقيم الكرم والأخلاق الشامخة كجبالها، تحتضن مثل هذه النماذج الاستثنائية يومياً، لكن قصة سلطان تجاوزت الحدود المحلية لتصل القلوب في كل مكان.
بينما يشيد الآلاف بموقف سلطان عبر منصات التواصل، تثير القصة تساؤلات مهمة حول التوازن بين الالتزام والصحة في بيئة العمل الحديثة. أحمد العامري، موظف أربعيني يعاني من الربو الحاد، يعترف: “أعمل رغم معاناتي خوفاً من قطع الراتب، لكن سلطان ألهمني أن الإخلاص لا يعني تدمير الصحة”. 85% من حالات الإرهاق في بيئة العمل السعودية ترجع إلى الالتزام المفرط بالواجبات، مما يدق ناقوس الخطر حول ضرورة تطوير سياسات عمل أكثر مرونة. الفرصة الذهبية أمام الإدارات الآن لمراجعة أنظمتها وإيجاد التوازن المثالي بين الإنجاز والرفاهية.
قد يعجبك أيضا :
علقت جامعة حائل رسمياً عبر منصة X قائلة: “خدمة العمل رسالة قبل أن تكون وظيفة”، مؤكدة فخرها واعتزازها بمنسوبيها الذين يجسدون معاني الإخلاص. هذه القصة لن تُنسى، ستلهم جيلاً جديداً من الموظفين المتفانين مع الحفاظ على صحتهم، وتذكرنا جميعاً أن الإخلاص الحقيقي يكون بالعقل والقلب معاً. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نحن أمام بطل ملهم أم دعوة ملحة لمراجعة ثقافة العمل التي نعيشها؟
