في تطور صادم هز أوساط التمويل الأفريقي، نجح السودان في إنجاز ما عجزت عنه دول مستقرة وثرية: بناء نظام مالي إلكتروني متطور بخبرات وطنية 100% وسط حرب مدمرة. بعد 48 شهراً من العمل المتواصل أثناء النزاع، أطلقت الحكومة السودانية نظام “إيصالي” الثوري، ليشيد بنك التنمية الأفريقي بـ”إنجاز غير مسبوق في تاريخ القارة.” الخبراء يؤكدون: هذا مجرد البداية لتحول جذري يمكن أن يقلب موازين القارة السمراء.
عبدالله إبراهيم علي، وكيل وزارة المالية، كشف تفاصيل مذهلة أمام بعثة بنك التنمية الأفريقي في بورتسودان. “نفذنا المشروع كاملاً دون الاستعانة بأي خبير أجنبي أو تمويل خارجي”، قال بفخر واضح وهو يستعرض النظام الذي غطى مالية دولة بحجم 1.8 مليون كيلومتر مربع – أكبر من ألمانيا وفرنسا مجتمعتين. فاطمة عبدالله، إحدى المطورات السودانيات، روت كيف عملت فريقها لساعات متواصلة رغم انقطاع الكهرباء: “كنا نسمع أصوات القذائف بعيداً، لكن عزيمتنا كانت أقوى من أي حرب.”
قد يعجبك أيضا :
المشروع الذي بدأ تخطيطه في الربع الأخير من 2021، شق طريقه عبر ظروف استثنائية كزراعة النخيل في الصحراء. بينما كانت دول أفريقية أخرى تفشل في تطبيق أنظمة مماثلة رغم الدعم الدولي الضخم، اعتمد السودان على كوادره الوطنية فقط. “هذا يعكس تحسن قدرات الحكومة في إدارة المشروعات الممولة بكفاءة”، أكد المدير الإقليمي لشرق أفريقيا، مضيفاً أن الكفاءات السودانية “لا تقل عن الخبرات العاملة في مؤسسات التمويل الدولية.”
عمر إبراهيم، مواطن من بورتسودان، لاحظ التحول الجذري: “المعاملات التي كانت تستغرق أياماً أصبحت تتم في دقائق، والشفافية واضحة في كل شيء.” النظام الجديد لم يقتصر على تسريع الخدمات فحسب، بل فتح أبواباً واسعة أمام الشراكات الإقليمية والدولية. الخبراء يتوقعون تحسن التصنيف الائتماني للسودان، بينما تدرس دول شرق أفريقية الاستفادة من الخبرة السودانية. د. محمد الأمين، خبير المالية العامة، يرى أن هذا الإنجاز “يضع السودان في مقدمة الدول الأفريقية تقنياً ويمهد لتصدير هذه التجربة.”
قد يعجبك أيضا :
مثل قطار سريع يشق طريقه عبر عاصفة رملية، اخترق هذا المشروع السوداني كل العوائق ليصل بالبلاد إلى شاطئ التطور التقني. الإنجاز الذي حققته الكفاءات الوطنية رغم الحرب والحصار يرسم خريطة جديدة لمستقبل السودان في القارة الأفريقية. البنك الأفريقي للتنمية يؤكد استعداده لتنفيذ المزيد من المشروعات عبر الوحدات الحكومية السودانية. السؤال الآن: إذا نجح السودان في تحقيق هذه المعجزة التقنية وسط الحرب، فماذا يمكن أن ينجز عندما يحل السلام؟
