في تطور صادم يهز أركان التحالف اليمني، اشتعل صراع كلامي حاد بين القوات المسلحة الجنوبية ورئاسة هيئة الأركان العامة، حيث تتبادل الطرفان اتهامات خطيرة بـ“تزييف الوقائع والأكاذيب المدوية” بينما تحتدم المعارك ضد العدو المشترك. عشرات القتلى من النخبة العسكرية سقطوا ضحايا للإرهاب، فيما يهدد هذا الانقسام الداخلي بتفكيك تحالف صمد لتسع سنوات طويلة في مواجهة المليشيات الحوثية.
فجر المقدم محمد النقيب، المتحدث الرسمي للقوات المسلحة الجنوبية، قنبلة إعلامية مدوية حين وصف بيان رئاسة الأركان بأنه “جملة من الأكاذيب والمغالطات المضللة” في محاولة مكشوفة لتزييف الحقائق. وكشف النقيب أن هيئة الأركان تخضع لهيمنة جماعة الإخوان المسلمين وتدير الجيش وفق أجندات حزبية ضيقة. العقيد محمد الحضرمي، أحد ضباط النخبة الحضرمية الذي اغتيل وهو عائد لزيارة أهله، يمثل واحداً من عشرات الضحايا الذين سقطوا في عمليات إرهابية بينما تصمت “هيئة الأركان” عن إدانة هذه الجرائم البشعة.
قد يعجبك أيضا :
يأتي هذا الانفجار في أسوأ توقيت ممكن، بينما تبذل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات جهوداً حثيثة لتوحيد الصفوف العسكرية، استناداً لتأكيدات الرئيس عيدروس الزُبيدي أن “زمن المعارك الجانبية قد انتهى، والهدف صنعاء”. كما انقسم المجاهدون في أفغانستان بعد هزيمة السوفييت، ها هو التحالف اليمني ينقسم على نفسه في أحرج اللحظات. د. عبدالله العولقي، خبير الشؤون الاستراتيجية، حذر قائلاً: “هذا الصراع يضعف الجبهة ضد الحوثيين ويخدم أجندة إيران بشكل مباشر”.
شرايين التهريب التي تمتد لمئات الكيلومترات – كمسافة الرياض إلى الدمام – تم قطعها بالكامل خلال عملية “المستقبل الواعد”، لكن هذا الإنجاز العسكري الاستراتيجي يواجه الآن تشكيكاً وتقليلاً من شأنه. أبو أحمد الحضرمي، من سكان الوادي، يروي بمرارة: “رأيت بعيني السيارات المفخخة وهي تنفجر، والآن بعدما أصبحنا ننام آمنين، يأتي من يشكك في تضحيات أبنائنا”. الأسر العسكرية تعيش قلقاً متزايداً من تطورات هذا الصراع الداخلي، بينما تتراجع مستويات الأمن في المناطق المتنازع عليها، وتتأثر طرق التجارة الحيوية.
قد يعجبك أيضا :
الساعات المقبلة حاسمة لمصير التحالف ونجاح الوساطة الخليجية في إنقاذ الموقف قبل فوات الأوان. كسكين ذات حدين، هذا الصراع يقطع في المقاتل قبل العدو، بينما تنتشر الاتهامات المتبادلة كالنار في الهشيم. المطلوب الآن تغليب المصلحة الوطنية على الخلافات الحزبية والشخصية، قبل أن يستغل الحوثيون هذا الانقسام لشن هجمات جديدة. السؤال الأخطر: هل ستنجح الوساطة في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أم أن شبح الانقسام سيطيح بآمال الشعب اليمني في السلام والوحدة؟
