في تطور صادم هز الأوساط الاقتصادية اليمنية، سقطت آمال شعب كامل عاش 11 عاماً من العزلة الاقتصادية في قرار واحد لم يستغرق أكثر من أسبوع، حين أعلن صندوق النقد الدولي تعليق جميع أنشطته في اليمن وإلغاء مشاورات المادة الرابعة إلى أجل غير مسمى. المحافظة التي تنتج النفط أصبحت سبب قطع الأكسجين الاقتصادي عن بلد كامل، فيما يحذر الخبراء: كل دقيقة تأخير في حل أزمة حضرموت تعني انزلاق اليمن أكثر نحو الهاوية الاقتصادية.
كالصاعقة التي ضربت آمال 30 مليون يمني، جاء قرار الصندوق بسبب التطورات الأمنية في محافظة حضرموت النفطية وسيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي. أحمد، مواطن يمني وأب لأربعة أطفال، يروي صدمته: “شاهدت راتبي يتبخر أمام عيني مع انهيار سعر العملة، وأصبح حلم إطعام أطفالي كابوساً يومياً”. رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وصف القرار بأنه “جرس إنذار” يؤكد أن الاستقرار السياسي شرط أساسي لأي إصلاحات اقتصادية، بينما يشهد البنك المركزي اجتماعات طارئة لمواجهة التداعيات المحتملة على سعر العملة وتدفق السلع.
قد يعجبك أيضا :
بعد 11 عاماً من الغياب القسري، عاد صندوق النقد في أكتوبر الماضي كالضوء في نهاية النفق، لكن ذلك الضوء انطفأ اليوم بسبب صراعات سياسية لا تنتهي. حضرموت النفطية، الكنز الذي تحول إلى لعنة، تشهد تصعيداً عسكرياً يهدد برنامج التعافي الاقتصادي برمته. المستشار الاقتصادي فارس النجار حذر من أن “الاضطرابات السياسية وتعدد مراكز القرار تبعث بإشارات سلبية للمجتمع الدولي”، فيما يؤكد الخبراء أن المشهد يذكرنا بأزمات اقتصادية مماثلة ضربت دولاً أخرى عندما تحكمت السياسة في الاقتصاد.
من سعر رغيف الخبز إلى قطرة الدواء، كل شيء مهدد بالارتفاع والنقص مع تراجع الثقة الدولية في الاقتصاد اليمني. الخبير الاقتصادي محمد علي قحطان يحذر من عودة محتملة لمشاهد طوابير الخبز وأزمات الوقود التي ظن اليمنيون أنها ولت إلى الأبد، مؤكداً أن “استمرار التصعيد قد يعيد الوضع الاقتصادي والإنساني إلى مرحلة الانهيار”. تاجر في صنعاء يروي كيف تلقى اتصالاً من مورده في الخارج يلغي صفقة كبيرة بعد ساعات فقط من إعلان قرار الصندوق، بينما تسود حالة من القلق والترقب في أوساط المستثمرين والمواطنين على حد سواء.
قد يعجبك أيضا :
قرار واحد، محافظة واحدة، 11 عاماً من الآمال المحطمة – هكذا يمكن تلخيص المأساة اليمنية الجديدة. اليمن اليوم على مفترق طرق حاسم: إما الانهيار النهائي أو الفرصة الأخيرة للنهوض من خلال انسحاب فوري للقوات الخارجية وتوافق سياسي عاجل. الوقت ينفد بسرعة مخيفة، والحل بيد قيادات سياسية يجب أن تختار بين مصالحها الضيقة ومستقبل شعب كامل. السؤال المصيري: هل ستكون هذه المرة الأخيرة التي يغلق فيها المجتمع الدولي الباب أمام اليمن نهائياً؟
