في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، سجل الدولار الأميركي فارقاً جنونياً يصل إلى 1083 ريالاً بين عدن وصنعاء، بينما وصل سعر الريال السعودي إلى 428 في عدن مقابل 140.5 فقط في صنعاء. هذا يعني أن المواطن اليمني في صنعاء يحتاج ثلاثة أضعاف المال لشراء نفس السلع المستوردة مقارنة بنظيره في عدن. الخبراء يحذرون: كل ساعة تمر تعني المزيد من التدهور لقوتك الشرائية، والوضع قد ينهار تماماً خلال أسابيع.
في أسواق الصرافة بعدن، تتصاعد أصوات المساومة وسط طوابير طويلة من المتعاملين الذين يحملون أكياساً من الأوراق النقدية المهترئة. “هذا ليس مجرد تقلب في الأسعار، بل انقسام اقتصادي حقيقي“، يقول علي باحارثة، صراف في أسواق عدن، وهو يصف التقلبات اليومية المجنونة. أحمد الحداد، موظف حكومي في صنعاء، يكافح لتأمين احتياجات أسرته: “راتبي الشهري لا يكفي لشراء ما كان يكفي لأسبوع واحد قبل عامين”.
قد يعجبك أيضا :
جذور هذا الانقسام الاقتصادي تعود إلى الصراع السياسي المستمر منذ 2014، حيث أدى انقطاع التحويلات المصرفية والسياسات النقدية المتضاربة إلى تحويل اليمن عملياً إلى منطقتين اقتصاديتين منفصلتين. هذا الوضع يشبه إلى حد كبير انقسام ألمانيا الشرقية والغربية اقتصادياً، لكن الفارق هنا أن الانقسام يحدث في نفس الجغرافيا. د. محمد الشرعبي، خبير اقتصادي، يتوقع: “الوضع قد يتدهور أكثر دون تدخل عاجل، وقد نشهد انهياراً كاملاً للنظام النقدي الموحد”.
التأثير على الحياة اليومية صارخ ومدمر: كيلو السكر في صنعاء يحتاج دولارات أكثر بثلاث مرات مقارنة بعدن، والعائلات تعجز عن شراء الدواء والغذاء الأساسي. فاطمة العولقي، تاجرة في عدن، تستغل فارق الأسعار لتحقيق أرباح معقولة، لكنها تقلق: “نحن نراقب نزوحاً اقتصادياً حقيقياً نحو عدن، والوضع في صنعاء ينذر بكارثة إنسانية”. المخاطر تتزايد يومياً: انهيار الأعمال في صنعاء، تسارع التضخم، وتحول الاقتصاد تدريجياً نحو المقايضة البدائية.
قد يعجبك أيضا :
اليمن اقتصادياً أصبح بلدين في بلد واحد، والسؤال المحوري الذي يطرح نفسه: هل ستصبح اليمن دولتين اقتصادياً قبل أن تنقسم سياسياً؟ على الحكومة والمجتمع الدولي التدخل العاجل لمنع انهيار كامل قد يؤدي إلى كارثة إنسانية. كم من الوقت يحتاج الريال اليمني قبل أن يفقد قيمته تماماً في صنعاء؟
