في مشهد يختصر مأساة القطاع الإعلامي اليمني، يواصل مئات الصحفيين والإعلاميين في عدن معاناة صامتة منذ 90 يوماً كاملة دون رواتب، بينما تتراكم 240 ساعة من المتابعة اليومية في أروقة وزارة المالية دون جدوى. في عدن، الكلمة تسقط قبل الرصاصة، فالصحفي يموت جوعاً قبل أن تصله رصاصة، والساعات القادمة حاسمة قبل انهيار الإعلام الحكومي نهائياً.
تحولت غرف الأخبار إلى مساحات صمت، والمؤسسات الإعلامية إلى أشباح تحاول البقاء على قيد الحياة. “واجهنا تبريرات متكررة وُصفت بالواهية من قبل موظفي الوزارة” يقول أحد مندوبي المؤسسات الإعلامية، بينما يروي سالم الوحيدي، المصور الصحفي: “رأيت زملائي يبيعون معداتهم المهنية لإطعام أطفالهم”. أما أحمد المراني، الصحفي وأب لثلاثة أطفال، فيعيش على القروض منذ 3 أشهر ولا يستطيع دفع إيجار البيت.
قد يعجبك أيضا :
تأتي هذه الأزمة في سياق تدهور عام للأوضاع الاقتصادية في اليمن، حيث تكررت أزمات الرواتب عبر السنوات الماضية، تماماً كما حدث في أزمات الرواتب الحكومية في العراق 2014 ولبنان 2019. البيروقراطية تتحرك بسرعة السلحفاة بينما الجوع ينطلق بسرعة الصاروخ، والمؤسسات الإعلامية تواجه معركة البقاء. يحذر د. محمد العولقي، الخبير الاقتصادي: “تأخير رواتب الإعلاميين يهدد حرية الصحافة ويخدم أجندات معادية”.
المعاناة تتجاوز المكاتب لتصل البيوت، حيث أطفال صحفيين لا يجدون ما يأكلونه، وإعلاميون يبيعون معداتهم المهنية للعيش. الأزمة تهدد بهجرة الكفاءات الإعلامية وتراجع جودة المحتوى، بينما تبدي نقابة الصحفيين ومنظمات إعلامية عربية تضامنها وتطالب بتدخل عاجل. فاطمة الحربي، مندوبة المؤسسات الإعلامية، تواصل المتابعة يومياً رغم الرفض المتكرر، في مشهد يجسد صمود الإعلاميين رغم القهر.
قد يعجبك أيضا :
ثلاثة أشهر و10 أيام وصفر نتائج – معادلة رياضية بسيطة تختصر مأساة معقدة لقطاع حيوي يحتضر في صمت. إما إنقاذ عاجل للإعلام في عدن، أو فصل جديد من فصول انهيار المؤسسات الحكومية. في زمن تحارب فيه الكلمة من أجل البقاء، هل ستصمت الجهات المسؤولة حتى يموت آخر صوت إعلامي في عدن؟