في تطور مؤلم يكشف عمق المأساة الاقتصادية في اليمن، أعلنت وزارة الداخلية صرف راتب واحد فقط من أصل خمسة رواتب متأخرة، بعد انتظار دام 120 يوماً تحول خلالها آلاف الموظفين الأمنيين إلى ضحايا صامتين لأزمة مالية خانقة. العميد الركن أسامة باحميش يعتذر عن تأخير لم تعد الاعتذارات تداويه، بينما أربعة رواتب أخرى تبقى حبيسة الوعود والانتظار.
أحمد الحارثي، رقيب أول وأب لثلاثة أطفال، يروي مأساته: “بعت أثاث منزلي قطعة قطعة لأطعم أولادي، وزوجتي تبكي كل ليلة عندما يسألها الصغار عن الحليب.” هذه ليست قصة فردية، بل مأساة جماعية تعيشها آلاف العائلات التي تحولت من موظفين كرام إلى متسولين صامتين أمام أبوابهم المغلقة. الأرقام تصرخ بوضوح مؤلم: 80% تراجعت قوتهم الشرائية، و120 يوماً من العذاب المالي انتهت بفرجة مؤقتة قد لا تدوم.
قد يعجبك أيضا :
وخلف هذه المأساة الإنسانية، تكمن جذور أزمة اقتصادية عميقة بدأت مع الحرب عام 2014 ولم تتوقف عن النمو كالسرطان. الدكتور محمد الشامي، خبير اقتصادي، يحذر: “ما نشهده اليوم هو أسوأ أزمة رواتب منذ الحرب العالمية الثانية في المنطقة.” انقسام المؤسسات وتراجع الإيرادات النفطية حول الوضع إلى كارثة مستدامة، حيث أصبح انتظار الراتب كانتظار المطر في الصحراء القاحلة.
والآن، بينما تتجه الأنظار نحو فروع بنك الإنماء غداً، تحمل الوجوه المنهكة خليطاً من الأمل الحذر والخوف من الغد. فاطمة أحمد، زوجة موظف، تتساءل بمرارة: “راتب واحد سيختفي خلال أسبوع، فماذا عن الشهور القادمة؟” التحسن المؤقت في الأحوال المعيشية لن يداوي جراحاً عميقة، والقلق حول الرواتب الأربع المتبقية يلقي بظلاله الثقيلة على كل بيت ينتظر الفرج.
قد يعجبك أيضا :
راتب أغسطس خطوة أولى في رحلة ألف ميل، وأربع رواتب تنتظر في طابور الغموض، بينما آلاف العائلات تتأرجح بين الأمل واليأس. الوعود الحكومية بصرف الرواتب المتبقية “تباعاً” تبدو كسراب في صحراء الانتظار. السؤال الذي يؤرق الجميع: هل ستكون هذه بداية الحل أم مجرد مسكن مؤقت لجرح عميق ينزف منذ أشهر؟
