في تطور صادم يكشف عمق المأساة الاقتصادية اليمنية، سجل فارق 1080 ريال يمني بين أسعار الدولار في مدينتين من نفس البلد – حيث وصل السعر في عدن إلى 1630 ريال مقابل 536 ريال فقط في صنعاء. هذا الرقم المرعب يعني أن المواطن اليمني يعيش في دولتين اقتصاديتين مختلفتين تماماً رغم انتمائه لنفس الوطن، في أكبر انقسام نقدي يشهده بلد عربي منذ عقود.
شهدت أسعار الصرف انقساماً دراماتيكياً يعكس عمق الأزمة السياسية والاقتصادية، حيث يحتاج المواطن في عدن إلى دفع أكثر من 300% زيادة للحصول على نفس القوة الشرائية مقارنة بنظيره في صنعاء. “هذا تدمير منهجي للاقتصاد اليمني، عائلة من 5 أفراد في عدن تحتاج راتب 3 عائلات في صنعاء للعيش بنفس المستوى“، يقول أحد الخبراء الاقتصاديين. أحمد المقطري، موظف بعدن، يروي مأساته: “راتبي 150 ألف ريال لا يكفي لشراء ما كان يشتريه بـ50 ألف في صنعاء”.
قد يعجبك أيضا :
منذ انقسام البنك المركزي عام 2016، تطورت أزمة العملة لتصبح كارثة اقتصادية حقيقية تذكرنا بأزمة لبنان عام 2019 لكن بوتيرة أسرع وأشد تدميراً. السيطرة على موانئ النفط والغاز، تباين السياسات النقدية، والحصار الاقتصادي، كلها عوامل حولت اليمن إلى دولتين نقديتين منفصلتين. الخبراء يحذرون: “إذا استمر الوضع، فسنشهد انهياراً كاملاً خلال 18 شهراً، والفارق اليوم يساوي راتب موظف كامل لمدة شهرين”.
التأثير على الحياة اليومية مدمر – فاطمة أم لأربعة تحكي: “أرسل زوجي 100 دولار من السعودية فوصلتني كأنها 30 دولار فقط”. المواطنون يعيشون بين طوابير أمام الصرافات وأكياس مليئة بالأوراق النقدية، مع رجفة الأيدي عند دفع المبالغ الضخمة وضيق التنفس من الصدمة النقدية. النتيجة المتوقعة: موجة هجرة جماعية من عدن إلى صنعاء، أو هروب كامل خارج اليمن، بينما يستفيد المستثمرون الأذكياء من الفوارق على حساب معاناة المواطن العادي.
قد يعجبك أيضا :
انقسام نقدي يعكس انقساماً سياسياً، وشعب يدفع الثمن من جيبه ولقمة عيشه في مشهد يحاكي ألمانيا الشرقية والغربية خلال الحرب الباردة. الوقت ينفد أمام الحلول السياسية قبل أن يصبح الانهيار الاقتصادي أمراً واقعاً لا رجعة فيه. السؤال الأخير يبقى مطروحاً: كم من الوقت يمكن لشعب أن يصمد أمام تدمير عملته الوطنية بهذه الطريقة المنهجية؟
