في مشهد إنساني صادم يهز الضمير العالمي، تواجه محافظة مأرب اليمنية أزمة خانقة غير مسبوقة، حيث تحتضن 62 من كل 100 نازح يمني في تجمع إنساني يفوق قدرتها بمراحل. في نداء استغاثة عاجل أطلقه اللواء سلطان العرادة، عضو مجلس القيادة الرئاسي ومحافظ مأرب، تقف المحافظة على شفا الانهيار الإنساني الكامل دون تدخل دولي فوري ومضاعف.
خلال اجتماع تنسيقي طارئ مع شركاء العمل الإنساني، كشف العرادة عن حقيقة صاعقة: مأرب تحملت عبئاً إنسانياً يفوق إمكانيات أي محافظة في العالم، حيث تحولت من منطقة نفطية استراتيجية إلى أكبر مخيم للاجئين في تاريخ المنطقة. “العبء الإنساني الكبير الذي تتحمله مأرب يتطلب دعماً دولياً مضاعفاً وتدخلاً أكثر فعالية واستدامة”، حذر العرادة بينما تواجه المحافظة فجوات متزايدة في التمويل وتقليص البرامج الحيوية.
قد يعجبك أيضا :
لم تكن هذه الأزمة وليدة اللحظة، بل نتاج 9 سنوات من النزاع المدمر الذي حول اليمن إلى أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث. مأرب، التي كانت يوماً ما قلب اليمن النابض بالنفط والغاز، تحولت تدريجياً إلى ملاذ آمن لمئات الآلاف من النازحين الفارين من جحيم الحرب. اليوم، تشهد المحافظة تدهوراً اقتصادياً حاداً مصحوباً بكوارث طبيعية وتغيرات مناخية تفاقم المعاناة.
في قلب هذه الأزمة، تعيش أم محمد، النازحة من الحديدة، مع أطفالها الخمسة في مخيم مكتظ منذ 4 سنوات، تحت حر الصحراء اليمنية الخانق. “أرى يومياً أطفالاً يتسربون من التعليم بحثاً عن لقمة العيش”، يروي خالد السبئي، المعلم المتطوع الذي يشهد تفاقم الأوضاع يومياً. الأرقام المفجعة تتحدث عن نفسها: مأرب تستضيف عدد نازحين يعادل سكان دولة البحرين بأكملها، في مساحة جغرافية محدودة وموارد شحيحة تتآكل يوماً بعد يوم.
قد يعجبك أيضا :
يقف العالم اليوم أمام مفترق طرق حاسم: إما استجابة دولية فورية تحول مأرب إلى نموذج للتعافي الإنساني، أو مواجهة كارثة إنسانية بحجم غير مسبوق. العرادة ومعه ممثلو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية يدقون ناقوس الخطر: الوقت ينفد، والفرصة الأخيرة لإنقاذ مئات الآلاف من النازحين تتضاءل مع كل يوم يمر. السؤال المحوري الذي يطرح نفسه بقوة: هل سيتحرك العالم قبل أن تصبح مأرب شاهداً على أكبر فشل إنساني في القرن الحادي والعشرين؟
