في كل دقيقة تمر، يفقد الريال اليمني قطعة أخرى من قوته الشرائية، ومع كل شروق شمس، تستيقظ 30 مليون نسمة على كابوس اقتصادي أشد فتكاً من اليوم السابق. 530.50 ريال مقابل دولار واحد – رقم يحكي قصة انهيار اقتصاد بأكمله في أقل من عقد، والساعات القادمة قد تكون الأخيرة قبل انهيار كامل لا رجعة فيه.
في تطور صادم هز الشارع اليمني، أعلن البنك المركزي في صنعاء تثبيت سعر الدولار عند 530.50 ريال يمني والريال السعودي عند 140 ريالاً، بينما تضاعفت أسعار السلع الأساسية أكثر من ثلاثة أضعاف في مشهد يحبس الأنفاس. “كنت أشتري كيس الأرز بـ2000 ريال، الآن أحتاج 6000 ريال”، تروي أم أحمد من صنعاء بصوت مختنق، وهي تمثل حال آلاف الأسر التي تشهد ذوبان مدخراتها أمام أعينها كقطعة ثلج تحت الشمس الحارقة.
قد يعجبك أيضا :
لم يكن هذا الانهيار المدمر حدثاً مفاجئاً، بل نتيجة تراكم أزمات اقتصادية مدمرة بدأت مع اندلاع الحرب عام 2014، حيث يؤكد الخبير الاقتصادي د. عبدالله الحميري أن “الأزمة أشد خطورة من انهيار الليرة اللبنانية والتركية بسبب آثار الحرب ونقص الموارد”. العوامل القاتلة تجتمع في معادلة مرعبة:
- نفاد احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي
- توقف صادرات النفط الرئيسية
- تراجع حاد في المساعدات الدولية
هذه العوامل تشكل عاصفة اقتصادية مثالية تلتهم ما تبقى من اقتصاد منهار.
في أسواق الصرافة، تحكي الطوابير الطويلة تحت الشمس الحارقة قصة معاناة يومية لا تنتهي، بينما يعيش أكثر من مليون يمني في الخارج كابوس مضاعف، مثل علي المقطري، العامل في السعودية، الذي يرى تحويلاته الشهرية “كانت تكفي شهراً كاملاً، الآن لا تكفي سوى أسبوعين”. فاطمة الزهراني، معلمة متقاعدة من تعز، تشهد بعيون دامعة كيف أصبح معاشها البالغ 60 ألف ريال “لا يكفي حتى لأسبوع واحد بعد أن كان يكفيني شهراً كاملاً”. المختصون يتوقعون استمرار هذا النزيف المدمر مع ضغط متزايد على احتياطيات البنك المركزي.
قد يعجبك أيضا :
رغم محاولات البنك المركزي اليائسة للحفاظ على استقرار مؤقت، تبقى الحقيقة المرة أن هذا التثبيت الهش قد لا يصمد أمام تفاقم الأزمة الإنسانية وتجاهل المجتمع الدولي المستمر. الأشهر القادمة ستكون حاسمة لتحديد مصير شعب بأكمله يقف على حافة المجاعة، والسؤال المصيري يتردد في كل بيت يمني: إلى متى سيبقى ريال اليمني صامداً أمام النزيف المستمر قبل الانهيار الكامل الذي قد يدفع البلاد نحو كارثة إنسانية لا تُحمد عقباها؟
