1094 ريالاً – هذا ما يفقده كل دولار عند عبوره من صنعاء إلى عدن! في صدمة تاريخية تهز أركان الاقتصاد اليمني، سجل الدولار الأمريكي 1635 ريالاً في عدن مقابل 536 ريالاً فقط في صنعاء، محققاً فجوة سعرية قياسية تبلغ 205%. للمرة الأولى في التاريخ الحديث، تشهد دولة واحدة انقساماً نقدياً بهذا الحجم، بينما كل دقيقة تأخير تعني خسارة أكبر لمدخرات الملايين.
في مشهد يحبس الأنفاس، تزاحم المئات أمام محلات الصرافة في عدن، بينما تسود حالة من الذهول والقلق. تحكي أم أحمد، الموظفة الأربعينية في عدن: “راتبي الشهري لا يكفي لشراء ما كنت أشتريه بربعه قبل سنوات.” في المقابل، استطاع محمد العدني، التاجر الذكي، تحقيق أرباح استثنائية من خلال استغلال فروق الأسعار بين المنطقتين، حيث يشتري الدولار من صنعاء ويبيعه في عدن محققاً ربحاً يزيد عن 1000 ريال للدولار الواحد.
قد يعجبك أيضا :
تمتد جذور هذه الكارثة النقدية إلى عقد من الصراع المدمر والانقسام السياسي الذي شطر البلاد إلى منطقتين، كل منهما ببنك مركزي منفصل. د. عبدالله الحضرمي، الخبير الاقتصادي البارز، يحذر قائلاً: “هذا الانقسام النقدي يدمر ما تبقى من الاقتصاد اليمني ويقودنا نحو انهيار شامل.” تذكر الأرقام بعصر ذهبي عندما كان الدولار يساوي 12 ريالاً فقط في الثمانينيات، مقارنة بأكثر من 1600 ريال اليوم في بعض المناطق، مما يعكس تدهوراً مروعاً بنسبة تزيد عن 13000%.
تتسع دائرة المعاناة لتطال كل بيت يمني، حيث تعجز الأسر عن تأمين احتياجاتها الأساسية. سعد الصنعاني، المقيم في السعودية، يروي قلقه: “أخاف أرسل أموالاً لأهلي، لا أعرف أي سعر صرف حقيقي.” الخبراء يتوقعون تفاقم الأزمة مع احتمال انهيار كامل للنظام المصرفي، بينما ينصحون المواطنين بتحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية أو الذهب. المؤشرات تشير إلى هجرة جماعية محتملة للشباب وتحول البلاد تدريجياً نحو اقتصاد يعتمد على العملات الأجنبية بدلاً من الريال المتهاوي.
قد يعجبك أيضا :
في ظل هذا الانهيار المروع، يقف الشعب اليمني على مفترق طرق حاسم بين إنقاذ ما تبقى من اقتصاده الوطني أو الاستسلام لواقع مرير قد يستمر سنوات طويلة. التدخل السريع لحماية المدخرات أصبح ضرورة ملحة، والسؤال الذي يؤرق الجميع: كم من الوقت يمكن لشعب أن يعيش بعملة تنهار كل يوم؟